الرابعة: دخوله صلى الله عليه وسلم مكة بلا إحرام نقله صاحب (التلخيص) وغيره: أنه كان مباحا له صلى الله عليه وسلم وفي جوازه لغيره من غير غدر خلاف، ودليل ذلك ما خرجه مسلم من حديث ابن الزبير، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام، وفي رواية دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء (1).
وذكر ابن عبد البر في (الكفاية): أنه من دخل مكة مقاتلا لباغ أو قاطع طريق أو خائفا من ظالم يلزمه الإحرام.
واستدل بدخوله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، لو كان محرما لم يلبسه، وقد كان خائفا من غدر الكفار، وعدم قبولهم الصلح الواقع بينه وبين أبي سفيان، وقد علمت ما في هذا الاستدلال؟ فإن دخوله صلى الله عليه وسلم بغير إحرام خاص به، وقوله: " لو كان محرما لم يلبسه، وقد كان خائفا من غدرهم " كلام غير مستقيم لأن المحرم الخائف يباح له اللبس قطعا، وكيف يقال: أنه صلى الله عليه وسلم كان يومئذ خائفا من غدر قريش؟ والله - تعالى - قد وعده بأن يعصمه منهم، ومن غيرهم بقوله - تعالى -: (والله يعصمك من الناس) (2)، ويترك الخوض عند ذلك فيما بينه.