فصل في ذكر خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لم يشركه فيها غيره إعلم أنه يقال: خصه بالشئ يخصه خصا وخصوصا وخصصه واختصه أفرده به دون غيره، والاسم الخصوصية، والخصية، والخاصة، والخصيصي، وهي تمد وتقصر، وفعلت به خصية، وخاصة، وخصوصية، والخاصة من تخصه لنفسك، والخصتان كالخاصة، وخاصه بكذا أعطاه شيئا كثيرا. قاله أبو الحسن علي بن سيده في (المحكم) (1).
إعلم أن أصحابنا - رحمهم الله - قد أكثروا من ذكر هذا الفصل في أوائل كتاب النكاح من مصنفاتهم، تأسيا بالامام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فإنه ذكر طرفا من ذلك هنالك فقال:
إن الله - تعالى - لما خص به رسوله من وجد وأبان بينه وبين خلقه، بينما فرض عليهم من طاعته افترض علينا أشياء خففها عن خلقه، ليزيده بها إن شاء الله حظها على خلقه زيادة في كرامته، وتنبيها لفضيلته صلى الله عليه وسلم، قال: أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي - رحمه الله تعالى - بعد إيراده هذا في كتاب (الحاوي): هذا فصل نقله المزني مع بقية الباب من أحكام القرآن للشافعي، فأنكر بعض المعترضين عليه إيراد ذلك في مختصره، لسقوط التكليف عنا فيما خص به الرسول صلى الله عليه وسلم، من تخفيف وتغليظ، ولوفاة زوجاته المخصوصات بالأحكام، فلم يكن فيه إلا التشاغل بما يلزم، عما يجب ويلزم، فصوب أصحابنا ما أورده المزني على هذا المعترض بما ذكروه من غرض المزني من وجهين:
أحدهما: أنه قدم مناكح النبي صلى الله عليه وسلم تبركا بها، والتبرك في المناكح مقصود كالتبرك بالخطب.