وأما طول عمر أبي السير بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الواقدي (1): وكان أبو اليسر يحدث أنهم حاصروا حصن الصعب بن معاذ ثلاثة أيام، وكان حصنا منيعا، وأقبلت غنم لرجل من اليهود ترتع وراء حصنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يطعمنا من هذه الغنم؟ فقلت: أنا يا رسول الله، فخرجت أسعى مثل الظبي فلما نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا قال:
اللهم متعنا به، فأدركت الغنم وقد دخل أولها الحصن فأخذت شاتين من آخرها فاحتضنتهما تحت يدي، ثم أقبلت أعدو كأن ليس معي شئ حتى أتيت بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بهما فذبحتا، ثم قسمهما فما بقي أحد من أهل العسكر الذين هم معه محاصرين الحصن إلا أكل منها، فقيل لأبي اليسر: وكم كانوا؟ قال:
كانوا عددا كبيرا، فيقال: أين بقية الناس؟ فيقول: بالرجيع في العسكر، فسمع أبو اليسر - وهو شيخ كبير - وهي يبكي في شئ غاظه من بعض ولده فقال:
لعمري بقيت بعد أصحابي ومتعوا بي، وما أمتع بهم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اللهم متعنا به، فبقي فكان من آخرهم.
قال المؤلف - رحمه الله - أبو اليسر كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن غزية بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي شهد العقبة وبدرا وهو الذي أسر العباس بن عبد المطلب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - يوم بدر مات سنة خمس وخمسين بالمدينة (2).