وأما تصديق الله تعالى رؤيا رسوله صلى الله عليه وسلم بدخوله المسجد الحرام قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا﴾ (1).
قال ابن عطية: روي في تفسير هذه الآية: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه عند خروجه من العمرة أنه يطوف بالبيت هو وأصحابه بعضهم محلقين وبعضهم مقصرين.
وقال مجاهد أرى ذلك بالحديبية فأخبر الناس بهذه الرؤيا ووثقه الجميع أن ذلك يكون إن شاء الله - تعالى - لكن ليس في تلك الوجهة.
وروي أن رؤياه إنما كانت أن ملكا جاءه فقال: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين، وأنه بهذا أعلم الناس فلما قضى الله - تعالى - بالحديبية بأمر بالصلح وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدر (2)، قال المنافقون: أين الرؤيا؟ ووقع في نفوس المسلمين من ذلك، فأنزل الله - تعالى -: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) قال: ولما نزلت هذه الآية علم المسلمون أن تلك الرؤيا ستخرج فيما يستأنفونه من الزمن، واطمأنت قلوبهم بذلك وسكنت فخرجت في العام المقبل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة في ذي القعدة سنة سبع، ودخلها ثلاثة أيام هو وأصحابه، وصدقت رؤياه صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (فعلم ما لم تعلموا) يريد ما قدره من ظهور الإسلام في تلك المدة، ودخول الناس فيه، وما كان أيضا بمكة من المؤمنين الذين دفع الله بهم.
وقوله - تعالى -: (فجعل من دون ذلك) أي من قبل ذلك وفيما يدنوا إليكم، واختلف في الفتح القريب، قيل: هو بيعة الرضوان، وعن مجاهد وابن إسحاق: أنه الفتح بالحديبية، وقال عبد الله بن زيد: الفتح القريب: خيبر،