وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بنصر بني كعب على بني بكر فكان كذلك وإجابة الله تعالى دعاءه في تعمية خبره عن قريش بمكة فقال يونس بن بكير: عن ابن إسحاق قال: حدثني الزهري، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه جميعا قالا: كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش، أنه من شاء أن يدخل في عقد محمد صلى الله عليه وسلم، وعهده دخل، ومن يشاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرا، ثم بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعهده وأن عمرو بن سالم الخزاعي أحد بني كعب ركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان من أمر خزاعة، وبني بكر بالوتيرة (1) حتى قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشده إياها فقال:
يا رب إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتم ولدا وكنا والدا * ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا اعتدا * وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا * إن سيم خسفا وجهه تربدا في فيلق كالبحر يجري مزبدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكد * وجعلوا لي في كداء رصدا وزعموا أن لست أدعو أحدا * وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم فما برح حتى مرت عنان (2) من السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه السحابة تستهل بنصر بني كعب، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاد وكتمهم فخرجوا، وسأل الله