وأما إجابة الله تعالى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بفتح خيبر فروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن بكر بن حزم، عن بعض أسلم أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فقالوا:
والله يا رسول الله لقد جهدنا وما بأيدينا شئ، فلم يجدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يعطهم إياه، فقال: اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليس بهم قوة، وأن ليس بيدي شئ أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء وأكثرها طعاما وودكا، فغدا الناس، ففتح الله عليهم حصن الصعب من معاذ، وما بخيبر حصن كان أكثر منه طعاما وودكا، فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتح، وحاز من الأموال ما حاز، انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسلالم، وكانا آخر حصون أهل خيبر افتتاحا، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بصنع عشرة ليلة (1).
وقال الواقدي - رحمه الله - وكان حصن الصعب بن معاذ في النطاة، وكان حصن اليهود فيه الطعام، والودك، والماشية، والمتاع، وكان فيه خمسمائة مقاتل، وكان الناس قد أقاموا أياما يقاتلون وليس عندهم طعام إلا العلف. قال معتب الأسلمي: أصابنا معشر أسلم خصاصة حين قدمنا خيبر وأقمت عشرة أيام على حصن النطاة لا نفتح ساقيه طعام، فأجمعت أسلم أن يرسلوا أسماء بن حارثة فقالوا: ائت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: إن أسلم يقرئونك السلام، ويقولون: إنا قد جهدنا من الجوع والضعف، فقال بريدة بن الحصيب: والله إن رأيت كاليوم قط أمرا بين العرب يصنعون منه هذا الخير، فقام هند بن حارثة فقال: إنا لنرجوا أن تكون البعثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح خيبر، فجاءه أسماء بن حارثة فقال: يا رسول الله إن أسلم تقول: إنا قد جهدنا من الجوع والضعف فادع الله لنا، فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله ما بيدي ما أقريهم، ثم صاح بالناس فقال: اللهم افتح عليهم أعظم حصن فيه، أكثره طعاما، وأكثره ودكا، ودفع اللواء إلى الحباب بن المنذر بن الجموح