بعضها إلى بعض فانطلق آدم موليا في الجنة فأخذت برأسه شجرة من الجنة فناداه يا آدم أمنى تفر قال لا ولكني استحيتك يا رب * قال أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك قال بلى يا رب ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا قال وهو قول الله تبارك وتعالى (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) قال فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض فلا تنال العيش إلا كدا قال اهبط من الجنة وكانا يأكلان فيها رغدا فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب فعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصده ثم داسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله فلم يبلعه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ * حدثنا ابن حميد قال حدثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد قال أهبط إلى آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه فهو الذي قال الله عز وجل (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) فكان ذلك شقاه * فهذا الذي قاله هؤلاء هو أولى بالصواب وأشبه بما دل عليه كتاب ربنا عز وجل وذلك أن الله عز ذكره لما تقدم إلى آدم وزوجته حواء بالنهي عن طاعة عدوهما قال لآدم (يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى. إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى. وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) فكان معلوما أن الشقاء الذي أعلمه أنه يكون إن أطاع عدوه إبليس هو مشقة الوصول إلى ما يزيل الجوع والعرى عنه وذلك هي الأسباب التي بها تصل أولاده إلى الغذاء من حراثة وبذر وعلاج وسقى وغير ذلك من الأسباب الشاقة المؤلمة ولو كان جبرائيل أتاه بالغذاء الذي يصل إليه ببذره دون سائر المؤن غيره لم يكن هناك من الشقاء الذي تو عده به ربه على طاعة الشيطان ومعصية الرحمن كبير خطب ولكن الامر كان والله أعلم على ما روينا عن ابن عباس وغيره * وقد قيل إن آدم عليه السلام نزل معه السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة ذكر من قال ذلك حدثنا ابن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال حدثنا الحسين عن علباء بن
(٨٧)