بقية وقد بقيت الأطراف فإن أحبت وادعناك وإن أحببت ناجزناك فعند ذلك نافره دارا وناجزه القتال وجعل الإسكندر لحاجبي دارا حكمهما على الفتك به فاحتكما شيئا ولم يشترطا أنفسهما فلما التقوا للحرب طعن حاجبا دارا دارا في الوقعة فلحقه الإسكندر صريعا فنزل إليه وهو بآخر رمق فمسح التراب عن وجهه ووضع رأسه في حجره ثم قال له إنما قتلك حاجباك ولقد كنت أرغب بك يا شريف الاشراف وحر الأحرار وملك الملوك عن هذا المصرع فأوصني بما أحببت فأوصاه دارا أن يتزوج ابنته روشنك ويتخذها لنفسه ويستبقى أحرار فارس ولا يولى عليهم غيرهم فقبل وصيته وعمل بأمره وجاء اللذان قتلا دارا إلى الإسكندر فدفع إليهما حكمهما ووفى لهما ثم قال لهما قد وفيت لكما كما اشترطتما ولم تكونا اشترطتما أنفسكما فأنا قاتلكما فإنه ليس ينبغي لقتلة الملوك أن يستقوا إلا بذمة لا تخفر فقتلهما وذكر بعضهم أن ملك الروم في أيام دارا الأكبر كان يؤدى إلى دارا الإتاوة فهلك وملك الروم الإسكندر وكان ر جلا ذا حزم وقوة ومكر فيقال إنه غزا بعض ملوك المغرب فظفر به وآنس لذلك من نفسه القوة فنشز على دارا الأصغر وامتنع من حمل ما كان أبو ه يحمله من الخراج فحمى دارا لذلك وكتب إليه كتبا عنيفة ففسد ما بينهما وسار كل واحد منهما إلى صاحبه وقد احتشدا والتقيا في الحد واختلفت بينهما الكتب والرسائل ووجل الإسكندر من محاربة دارا ودعاه إلى الموادعة فاستشار دارا أصحابه في أمره فزينوا له الحرب لفساد قلوبهم عليه وقد اختلفوا في الحد وموضع التقائهما فذكر بعضهم أن التقاءهما كان بناحية خراسان مما يلي الخزر فاقتتلوا قتالا شديدا حتى خلص إليهما السلاح وكان تحت الإسكندر يومئذ فرس له عجيب يقال له بوكفراسب ويقال إن رجلا من أهل فارس حمل ذلك اليوم حتى تخرق الصفوف وضرب الإسكندر ضربة بالسيف خيف عليه منها وأنه تعجب من فعله وقال هذا من فرسان فارس الذين كانت توصف شدتهم وتحركت على دارا ضغائن أصحابه وكان في حرسه رجلان من أهل همذان فراسلا الإسكندر والتمسا الحيلة لدارا حتى طعناه فكانت
(٤١١)