ولا يدخله الملال، ولا ينقص سلطانه الأيام والليال لأنه خالق الدهر والأزمان، فعم جميعهم في العاجل فضله وجوده وشملهم كرمه وطوله فجعل لهم أسماعا وأبصارا وأفئدة وخصهم بعقول يعقلون بها التمييز بين الحق والباطل ويعرفون بها المنافع والمضار وجعل لهم الأرض بساطا ليسلكوا منها سبلا فجاجا والسماء سقفا محفوظا كما قال وأنزل لهم منها الغيث بالادرار والأرزاق بالمقدار وأجرى لهم قمر الليل وشمس النهار يتعاقبان بمصالحهم دائبين فجعل لهم الليل لباسا والنهار معاشا وخالف منا منه عليهم وتطولا بين قمر الليل وشمس النهار فمحا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة كما قال جل جلاله وتقدست أسماؤه (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلا) ليصلوا بذلك إلى العلم بأوقات فروضهم التي فرضها عليهم في ساعات الليل والنهار والشهور والسنين من الصلوات والزكوات والحج والصيام وغير ذلك من فروضهم وحين حد ديونهم وحقوقهم كما قال عز وجل (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) وقال (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون * إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون) إنعاما منه بكل ذلك على خلقه وتفضلا منه به عليهم وتطولا فشكره على نعمه التي أنعمها عليهم من خلقه خلق عظيم فزاد كثيرا منهم من آلائه وأياديه على ما ابتدأهم به من فضله وطوله كما وعدهم جل جلاله بقوله (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) وجمع لهم بين الزيادة التي زادهم في عاجل دنياهم والفوز بالنعيم المقيم والخلود في جنات النعيم في آجل آخرتهم وأخر لكثير منهم الزيادة التي وعدهم فمدهم إلى حين مصيرهم ووقت قدومهم عليه توفيرا منه كرامته عليهم يوم تبلى السرائر; وكفر نعمه خلق منهم عظيم فجحدوا آلاءه
(٣)