فقال القوم: هذا الرأي، فاعمل به، فإن بنا قوة ونهوضا.
فوجه رسله إلى كور الشام ليجتمع إليه، فاجتمع له جميع أجناد الشام، ثم سار وقد احتشد، ولم ينزل.
(خضوع العراق لجند الشام) وبلغ مصعب بن الزبير خروجه، فضم إليه أطرافه، وجمع إليه قواصيه، واستعد، ثم خرج لمحاربته، فتوافى العسكران بدير الحانات، فقال عدي بن زيد بن عدي، وكان مع عبد الملك:
لعمري لقد أصحرت خيلنا * بأكناف دجلة للمصعب (1) يجرون كل طويل الكعوب * معتدل النصل والثعلب (2) بكل فتى واضح وجهه * كريم الضرائب (3) والمنصب ولما نظر أصحاب مصعب إلى كثرة جموع عبد الملك تواكلوا، وشملهم الرعب، فقال مصعب لعروة بن المغيرة، وهو يسايره:
ادن يا عرو أكلمك.
فدنا منه.
فقال: أخبرني عن الحسين، كيف صنع حين نزل به الأمر؟
قال عروة: فجعلت أحدثه بحديث الحسين، وما عرض عليه ابن زياد من النزول على حكمه، فأبى ذلك، وصبر للموت.
فضرب مصعب معرفة (4) دابته بالسوط، ثم قال:
فإن الألى بالطف (5) من آل هاشم * تأسوا فسنوا للكرام التأسيا وإن عبد الملك كتب إلى رؤساء أصحاب مصعب يستميلهم إليه، ويعرض عليهم الدخول في طاعته، ويبذل لهم على ذلك الأموال.