وأقبل مصعب حتى وافى المذار (1)، وأمامه الأحنف بن قيس في تميم.
وزحف الفريقان، بعضهم إلى بعض، فاقتتلوا، فانهزم أصحاب المختار، واستحر القتال فيهم، ومضوا نحو الكوفة، واتبعهم مصعب يقتلهم في جميع طريقه، فلم يفلت منهم إلا القليل.
فقال أعشى همدان في ذلك:
ألم يبلغك ما لقيت شبام (2) * وما لاقت عرينة بالمذار أتيح لهم بها ضرب طلحق * وطعن بالمثقفة الحرار كان سحابة صعقت عليهم * فعمتهم هنالك بالدمار وما أن ساءني ما كان منهم * لدى الإعسار مني واليسار ولكني فرحت وطاب نومي * وقر لقتلهم مني قراري وإن مصعبا سار بالجيوش نحو الكوفة، فعبر دجلة، وخرج إلى أرض كسكرة، ثم أخذ على حديثة الفجار، ثم أخذ على النجرانية حتى قارب الكوفة.
(قتل المختار) وبلغ المختار مقتل أصحابه، فنادى في بقية من كان معه من جنوده، فقواهم بالأموال والسلاح، وسار بهم من الكوفة مستقبلا لمصعب بن الزبير، فالتقوا بنهر البصريين، فاقتتلوا، فقتل من أصحاب المختار مقتلة عظيمة، وقتل محمد بن الأشعث، وقتل عمر بن علي بن أبي طالب، عليهما السلام.
وذلك أنه قدم من الحجاز على المختار، فقال له المختار:
- هل معك كتاب محمد بن الحنفية؟