وبقي الحسين وحده، فحمل عليه مالك بن بشر الكندي، فضربه بالسيف على رأسه، وعليه برنس خز، فقطعه، وأفضى السيف إلى رأسه، فجرحه.
فألقى الحسين البرنس، ودعا بقلنسوة، فلبسها، ثم اعتم بعمامة، وجلس، فدعا بصبي له صغير، فأجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد، وهو في حجر الحسين بمشقص (1)، فقتله.
وبقي الحسين عليه السلام مليا جالسا، ولو شاءوا إن يقتلوه قتلوه، غير أن كل قبيلة كانت تتكل على غيرها، وتكره الإقدام على قتله.
وعطش الحسين، فدعا بقدح من ماء.
فلما وضعه في فيه رماه الحصين بن نمير بسهم، فدخل فمه، وحال بينه وبين شرب الماء، فوضع القدح من يده.
ولما رأى القوم قد أحجموا عنه قام يتمشى على المسناة (2) نحو الفرات، فحالوا بينه وبين الماء، فانصرف إلى موضعه الذي كان فيه.
فانتزع له رجل من القوم بسهم، فأثبته في عاتقه، فنزع عليه السلام السهم.
وضربه زرعة بن شريك التميمي بالسيف، اتقاه الحسين بيده، فأسرع السيف في يده.
وحمل عليه سنان بن أوس النخعي، فطعنه، فسقط.
ونزل إليه حولي بن يزيد الأصبحي ليحز رأسه، فأرعدت يداه.
فنزل أخوه شبل بن يزيد، فاحتز رأسه، فدفعه إلى أخيه حولي.
ثم مال الناس على ذلك الورس الذي كان أخذه من العير، وإلى ما في المضارب، فانتهبوه.
* * *