النهر الأعظم بما يلي أرض بلخ، فدخل على ملك تلك الأرض، فأخبره بظلم أخيه إياه، واحتوائه على الملك دونه، وهو أصغر سنا منه، وسأله أن يمده بجيش حتى يسترجع الملك. فقال: لن أجيبك إلى ما تسأل حتى تحلف أنك أكبر سنا منه، فحلف فيروز، فأمده بثلاثين ألف رجل، على أن يجعل له حدا لترمذ (1)، فسار فيروز بالجيش، واتبعه جل أهل المملكة، ورأوا أنه أحق بالملك من هرمزد لفظاظة هرمزد وشرارته، فحاربه حتى استرجع الملك، وأقال أخاه عثرته، ولم يؤاخذه بما كان منه.
(فيروز بن يزدجرد) قالوا: وكان فيروز ملكا محدودا، وكل جل قوله وفعله فيما لا يجدى عليه نفعه، وأن الناس قحطوا في سلطانه سبع سنين متواليات، فغارت الأنهار، وغاضت المياه والعيون، وقحلت الأرض، وجف الشجر، وموتت البهائم والطير، وهلكت الأنعام، وقل ماء دجلة والفرات وسائر الأنهار.
فرفع فيروز الخراج عن الرعية، وكتب إلى عماله أن يسوسوا الناس سياسة، وتوعدهم أنه إن هلك أحد في أرض واحد منهم جوعا يقيد العامل والوالي به، فساس الناس في تلك الأزمنة سياسة لم يعطب فيها أحد من الناس جوعا، ونادى في الناس بالخروج إلى فضاء من الأرض، فخرج جميع الناس من الرجال والنساء والصبيان، فاستسقى الله، فأغاثهم، فأرسل السماء، وعادت الأرض إلى حسن الحال، وجرت الأنهار، وجاشت العيون، ورجع الناس إلى أحسن عادة الله عندهم في الرفاغة والرفاهة والخصب.
وبنى فيروز مدينة الري، وسماها رام فيروز، وابتنى بآذربيجان مدينة