ذلك أبرسام قال في نفسه: هذا وقت إظهار أمر تلك المرأة الأشغانية، وقد كان أتى على ابنها خمس سنين، فقال: أيها الملك، إني كنت استودعتك يوم أمرتني بقتل المرأة الأشغانية حقا مختوما، وقد احتجت إليه، فمر بإخراجه، فأمر به أردشير، فأخرج إليه، ففتحه، وأراه أردشير، فإذا فيه مذاكيره، قد يبست في جوف الحق.
فقال له أردشير: ما هذا؟ فأخبره الخبر، وأعلمه حال الغلام، ففرح أردشير بذلك، ثم قال لأبرسام: ائتني بالغلام، واجعله ما بين مائة غلام من أقرانه، ففعل أبرسام ذلك.
فلما أدخلهم عليه تأملهم غلاما غلاما، حتى إذا بلغ إلى سابور رأى تشابه ما بينه وبينه، فتحرك له قلبه، فأمسك نفسه، ولم يكمله، وأمر بأن يعطي الغلمان جميعا صوالجة (1)، ويطرح لهم كره في الرحبة ليلعبوا بين يديه مقابل الإيوان، وقال لأبرسام: احتل أن تقع الكرة عندي في الإيوان، ففعل.
ووقعت الكرة على بساطه، فوقف جميع أولئك الغلمان على باب الإيوان، ولم يجترئ واحد منهم أن يدخل، فيتناول الكرة من بين يديه إلا الغلام، فإنه اقتحم من بينهم على أبيه، فتناول الكرة من بين يديه.
فلما رأى ذلك أردشير مد يده، فتناول الغلام، وضمه إليه، وقبله، وأمر به وبأمه أن ترد إليه، وهو سابور الذي ملك بعده، وأكرم أبرسام، وأقطعه القطائع الكثيرة، وأمر بأن تصور صورة أبرسام على الدراهم والبسط حتى انقضى ملكهم.
قالوا: وفي ملك أردشير بعث الله عيسى عليه السلام، ويزعمون أنه بعث بأحد حوارييه إلى أردشير، وأنه جاء إلى مدينة طيسفون، فنزل على أبرسام