وأما شبه أرباب الاشتراك، فأولها: أن هذه الألفاظ والصيغ قد تطلق للعموم تارة، وللخصوص تارة، والأصل في الاطلاق الحقيقة، وحقيقة الخصوص غير حقيقة العموم فكان اللفظ المتحد الدال عليهما حقيقة، مشتركا، كلفظ العين والقرء ونحوه.
وثانيها: أنه يحسن عند إطلاق هذه الصيغ الاستفهام من مطلقها أنك أردت البعض أو الكل، وحسن الاستفهام عن كل واحد منهما دليل الاشتراك، فإنه لو كان حقيقة في أحد الامرين دون الآخر لما حسن الاستفهام عن جهة الحقيقة.
وأما شبه من قال بالتعميم في الأوامر والنواهي دون الاخبار، فهو أن الاجماع منعقد على التكاليف بأوامر عامة لجميع المكلفين وبنواه عامة لهم، فلو لم يكن الأمر والنهي للعموم، لما كان التكليف عاما، أو كان تكليفا بما لا يطاق، وهو محال. وهذا بخلاف الاخبار، فإنه ليس بتكليف، ولأن الخبر يجوز وروده بالمجهول، ولا بيان له أصلا كقوله تعالى: * (وكم أهلكنا قبلهم من قرن) * (19) مريم: 74)، * (وقرونا بين ذلك كثير) * (25) الفرقان: 38) بخلاف الامر، فإنه، وإن ورد بالمجمل، كقوله: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * (6) الانعام: 141) وقوله: * (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * (2) البقرة: 43) فإنه لا يخلو عن بيان متقدم أو متأخر أو مقارن.
والجواب من جهة الاجمال عن جملة هذه الشبه ما أسلفناه في مسألة أن الامر للوجوب أو الندب، فعليك بنقله إلى هاهنا.
وأما من جهة التفصيل، أما ما ذكره أرباب العموم من الآيات، أما قصة نوح فلا حجة فيها، وذلك لان إضافة الأهل قد تطلق تارة للعموم، وتارة للخصوص، كما في قولهم جمع السلطان أهل البلد وإن كان لم يجمع النساء والصبيان والمرضى. وعند ذلك، فليس القول