ومنهم من منع من ذلك مطلقا، وإليه ذهب إمام الحرمين والغزالي.
وأما المعتزلة فالامر عندهم نفس صيغة: افعل وقد اتفقوا على أن عين صيغة افعل لا تكون نهيا، لان صيغة النهي لا تفعل وليس إحداهما عين الأخرى، وإنما اختلفوا في أن الآمر بالشئ هل يكون نهيا عن أضداده من جهة المعنى: فذهب القدماء من مشايخ المعتزلة إلى منعه ومن المعتزلة من صار إليه، كالعارضي وأبي الحسين البصري وغيرهما من المعتبرين منهم.
ومعنى كونه نهيا عن الأضداد من جهة المعنى عندهم، أن صيغة الامر تقتضي إيجاد الفعل والمنع من كل ما يمنع منه.
ومنهم من فصل بين أمر الايجاب، والندب، وحكم بأن أمر الايجاب يكون نهيا عن أضداده ومقبحا لها، لكونها مانعة من فعل الواجب، بخلاف المندوب. ولهذا، فإن أضداد المندوب من الافعال المباحة غير منهي عنها، لا نهي تحريم ولا نهي تنزيه.
والمختار إنما هو التفصيل، وهو إما أن نقول بجواز التكليف بما لا يطاق، أو لا يقول به:
فإن قلنا بجوازه، على ما هو مذهب الشيخ أبي الحسن، رحمة الله عليه، كما سبق تقريره، فالامر بالفعل لا يكون بعينه نهيا عن أضداده، ولا مستلزما للنهي عنها، بل جائز أن نؤمر بالفعل وبضده، في الحالة الواحدة، فضلا عن كونه لا يكون منهيا عنه.