خلقتني من نار وخلقته من طين) * (7 الأعراف: 12) ولا يمكن إضافة التوبيخ إلى مطلق الامر من هو حيث هو أمر، لأنه منقسم إلى أمر إيجاب واستحباب، كما سبق تقريره، ولا توبيخ على مخالفة أمر الاستحباب إجماعا. ولو كان التوبيخ على مطلق الامر، لكان أمر الاستحباب موبخا على مخالفته، فلم يبق إلا أن يكون التوبيخ على أمر الايجاب، وهو منقسم إلى أمر إيجاب على الفور، وأمر إيجاب على التراخي، كما إذا قال أوجبت عليك متراخيا ولا يلزم منه أن يكون مطلق الامر للايجاب حالا.
وإن سلمنا أنه وبخه على مخالفة الامر في الحال، ولكن لا نسلم أن الامر بالسجود كان مطلقا، بل هو مقترن بقرينة لفظية موجبة لحمله على الفور، وهي قوله تعالى:
* (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي، فقعوا له ساجدين) * (15 الحجر: 29) رتب السجود على هذه الأوصاف بفاء التعقيب، وهي مقتضية للسجود عقبها على الفور من غير مهلة.
قولهم: لم قلتم بأنه لا يكون مستلزما للفور بواسطة دلالته على وجوب الفعل؟
قلنا: الأصل عدم ذلك.
قولهم إنه يجب تعجيل اعتقاد وجوب الفعل، قلنا: ولم يلزم منه تعجيل وجوب الفعل.
قولهم إنه من لوازم وجوب الفعل، قلنا من لوازم وجوب تقديم الفعل، أو من لوازم وجوب الفعل؟
الأول ممنوع، والثاني مسلم، ولكن لا يلزم منه وجوب تقديم الفعل، بدليل ما لو أوجب الفعل مصرحا بتأخيره، فإنه يجب تعجيل اعتقاد وجوبه، وإن لم يكن وجوب الفعل على الفور.
قولهم: القول بالتعجيل أحوط للمكلف، قلنا الاحتياط إنما هو باتباع المكلف ما أوجبه ظنه: فإن ظن الفور، وجب عليه اتباعه، وإن ظن التراخي، وجب عليه اتباعه، وإلا فبتقدير أن يكون قد غلب على ظنه التراخي، فالقول بوجوب التعجيل على خلاف ظنه، يكون حراما وارتكاب المحرم يكون إضرارا، فلا يكون احتياطا.
قولهم: لو جاز التأخير، إما أن يكون إلى غاية، أو لا إلى غاية إلى آخره،