والوجه في إبطالهما أن يقال: أما الأول فلان الاجزاء ليس هو نفس سقوط القضاء مطلقا، ليلزم ما قيل، بل سقوط القضاء بالفعل في حق من يتصور في حقه وجوب القضاء، وذلك غير متصور في حق الميت.
وأما الثاني: فلان علة صحة وجوب القضاء إنما هو استدراك ما فات من مصلحة أصل العبادة، أو صفتها، أو مصلحة ما انعقد سبب وجوبه. ولم يجب لمانع، لا ما قيل.
وإذا تنقح محل النزاع فنعود إلى المقصود فنقول: الفعل المأمور به لا يخلو:
إما أن يكون قد أتى به المأمور على نحو ما أمر به من غير خلل ولا نقص في صفته وشرطه، أو أتى به على نوع من الخلل.
والقسم الثاني: أنه لا نزاع في كونه غير مجزئ ولا مسقط للقضاء، وإنما النزاع في القسم الأول، وليس النزاع فيه أيضا من جهة أنه يمتنع ورود أمر مجدد بعد خروج الوقت بفعل مثل ما أمر به أولا، وإنما النزاع في ورود الامر بالفعل متصفا بصفة القضاء، والحق نفيه، لان القضاء عبارة عن استدراك ما فات من مصلحة الأداء أو مصلحة صفته، أو شرطه. وإذا كان المأمور به قد فعل على جهة الكمال والتمام، من غير نقص ولا خلل، فوجوب القضاء استدراكا لما قد حصل، تحصيل للحاصل، وهو محال. ومن ينفي القضاء إنما ينفيه بهذا التفسير، وهذا مما يتعذر مع تحقيقه المنازعة فيه، وإن كان لا ينكر إمكان ورود الامر خارج الوقت، بمثل ما فعل أولا، غير أنه لا يسميه قضاء. ومن سماه قضاء، فحاصل النزاع معه آيل، إلى اللفظ دون المعنى.