وإن كان الثاني، فهو أيضا ممتنع، لان البدل لا يزيد على نفس المبدل، ووقت المبدل غير معين، فكذلك البدل، وإن جاز التأخير أبدا لا ببدل، ففيه إخراج الواجب عن حقيقته، وهو محال.
الرابع من الوجوه الأول أن امتثال المأمور به من الخيرات وهو سبب الثواب فوجب تعجيله، لقوله تعالى: * (فاستبقوا الخيرات) * (2 البقرات: 148) وقوله تعالى: * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم، وجنة عرضها السماوات والأرض) * (3 آل عمران: 133) أمر بالمسارعة والمسابقة، وهي التعجيل، والامر للوجوب.
والجواب عن الوجه الأول أنه إنما فهم التعجيل من أمر السيد بسقي الماء من الظن الحاصل بحاجة السيد إليه في الحال، إذ الظاهر أنه لا يطلب سقي الماء من غير حاجة إليه، حتى أنه لو لم يعلم أو يظن أن حاجته إليه داعية في الحال، لما فهم من أمره التعجيل، ولا حسن ذم العبد بالتأخير.
فإن قيل: أهل العرف إنما يذمون العبد بمخالفة مطلق الامر، ويقولون في معرض الذم خالف أمر سيده وذلك يدل على أن مطلق الامر هو المقتضي للتعجيل دون غيره.
قلنا: إنما نسلم صحة ذلك في الامر المقيد بالقرينة دون المطلق، والامر فيما نحن فيه مقيد، ثم هو معارض عند مطلق الامر بصحة عذر العبد بقوله إنما أخرت لعدم علمي وظني بدعو حاجته إليه في الحال وليس أحد الامرين أولى من الآخر.
وعن الثاني من وجهين:
الأول: لا نسلم تعين أقرب الأماكن، ولا نسلم أن قوله أنت طالق، وأنت حر يفيد صحة الطلاق والعتق بوضعه له لغة، بل ذلك لسبب جعل الشرع له علامة على ذلك الحكم الخالي، ولا يلزم من ذلك أن يكون الامر موضوعا للفور.
الثاني: أن حاصله يرجع إلى القياس في اللغة، وهو ممتنع كما سبق.
وعن الثالث والرابع: ما سبق في المسألة المتقدمة.
وعن الخامس: أن توبيخه لإبليس إنما كان ذلك لابائه واستكباره، ويدل عليه قوله تعالى * (إلا إبليس أبى واستكبر) * (2 البقرة: 34) ولتخيره على آدم بقوله: * (أنا خير منه،