وعن الرابعة: أنها غير متجهة، وذلك لان دوام اعتقاد الوجوب عند قيام دليل الوجوب ليس مستفادا من نفس الامر، وإنما هو من أحكام الايمان، فتركه يكون كفرا، والكفر منهي عنه دائما، ولهذا، كان اعتقاد الوجوب دائما في الأوامر المقيدة.
وأما العزم فلا نسلم وجوبه، ولهذا فإن من دخل عليه الوقت، وهو نائم، لا يجب على من حضره إنباهه، ولو كان العزم واجبا في ذلك الوقت، لوجب عليه، كما لو ضاق وقت العبادة، وهو نائم. وإن سلمنا وجوب العزم، لكن لا نسلم وجوبه دائما، بل هو تبع لوجوب المأمور به، وإن سلمنا وجوبه دائما، فلا نسلم كونه مستفادا من نفس الامر، ليلزم ما قيل، بل إنما هو مستفاد من دليل اقتضى دوامه غير الامر الوارد بالعبادة، ولهذا، وجب في الأوامر بالفعل مرة واحدة.
وعن الخامسة: أنها باطلة من جهة أن الامر غير مشعر بالزمان، وإنما الزمان من ضرورات وقوع الفعل المأمور به، ولا يلزم من عدم اختصاصه ببعض الأزمنة دون البعض التعميم كالمكان.
وعن السادسة: وهي قولهم لو كان الامر للمرة الواحدة لما دخله النسخ ليس كذلك عندنا، فإنه لو أمر بالحج في السنة المستقبلة، جاز نسخه عندنا قبل التمكن من الامتثال، على ما يأتي. وإنما ذلك لازم على المعتزلة. وأما دخول الاستثناء فمن أوجب الفعل على الفور، يمنع منه، ومن أوجبه على التراخي، فلا يمنع من استثناء بعض الأوقات التي المكلف مخير في إيقاع الواجب فيها. وأما حسن الاستفهام، فإنما كان لتحصيل اليقين فيما اللفظ محتمل له، تأكيدا، فإنه محتمل لإرادة التكرار وإرادة المرة الواحدة، وبه يخرج الجواب عن قوله صل مرة وحدة وقوله: صل مرارا غير متناقض، بل غايته دلالة الدليل على إرادة التكرار المحتمل. وإذا لم يفعل ما أمر به في أول الوقت، فمن قال بالتراخي، لا يحتاج إلى دليل آخر، لان مقتضى الامر المطلق عنده تخيير المأمور في إيقاع الفعل في أي وقت شاء من ذلك الوقت، ومن قال بالفور، فلا بد له من دليل في ثاني الحال.