وأما من جهة التفصيل، فإنا نخص كل شبهة بجواب.
أما قوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (24 النور: 54) فهو أمر والخلاف في اقتضائه للوجوب، بحاله وقوله: * (فإن توليتم، فإنما عليه ما حمل، وعليكم ما حملتم) * (24 النور: 54) فإما أن لا يكون للتهديد بل للاخبار بأن الرسول عليه ما حمل من التبليغ، وعليكم ما حملتم من القبول، وليس في ذلك ما يدل على كون الامر للوجوب، وإن كان للتهديد فهو دليل على الوجوب فيما هدد على تركه ومخالفته من الأوامر، وليس فيه ما يدل على أن كل أمر مهدد بمخالفته، بدليل أمر الندب، فإن المندوب مأمور به، على ما سيأتي، وليس مهددا على مخالفته. وإذا انقسم الامر إلى مهدد عليه، وغير مهدد، وجب اعتقاد الوجوب فيما هدد عليه، دون غيره، وبه يخرج الجواب عن كل صيغة أمر هدد على مخالفتها وحذر منها، ووصف مخالفها بكونه عاصيا، وبه دفع أكثر ما ذكروه من الآيات.
ويخص قوله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) * (24 النور: 63) بأنه غير عام في كل أمر بصيغته. وإن قيل بالتعميم بالنظر إلى معقوله، من جهة أنه مناسب، رتب التحذير على مخالفته، فإنما يصح أن لو لم يتخلف الحكم عنه في أمر الندب، وقد تخلف فلا يكون حجة، وأيضا، فإن غايته أنه حذر من مخالفة أمره ومخالفة أمره أن لا يعتقد موجبه، وأن لا يفعل على ما هو عليه من إيجاب أو ندب، ونحن نقول به، وليس فيه ما يدل على أن كل أمر للوجوب.
ويخص قوله لإبليس * (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك) * (7 الأعراف: 12) بأنه غير عام في كل أمر.