الثانية: أن قوله تعالى: * (اقتلوا المشركين) * يعم كل مشرك فقوله صم وصل ينبغي أن يعم جميع الأزمان، لان نسبة اللفظ إلى الأزمان كنسبته إلى الأشخاص.
الثالثة: أن قوله صم كقوله لا تصم ومقتضى النهي الترك أبدا، فوجب أن يكون الامر مقتضيا للفعل أبدا لاشتراكهما في الاقتضاء والطلب.
الرابعة: أن الامر اقتضى فعل الصوم، واقتضى اعتقاد وجوبه والعزم عليه أبدا، فكذلك الموجب الآخر.
الخامسة: أن الامر لا اختصاص له بزمان دون زمان، فليس حمله على البعض ولى من البعض، فوجب التعميم.
السادسة: أنه لو لم يكن الامر للتكرار لما صح الاستثناء منه، لاستحالة الاستثناء من المرة الواحدة، ولا تطرق النسخ إليه لان ذلك يدل على البدا، وهو محال على الله تعالى، ولا حسن الاستفهام من الآمر أنك أردت المرة الواحدة أو التكرار. ولكان قول الآمر لغيره صل مرة واحدة غير مفيد، وكان قوله صل مرارا تناقضا، ولكان إذا لم يفعل المأمور ما أمر به في أول الوقت، محتاجا في فعله ثانيا إلى دليل، وهو ممتنع.
السابعة: أن الحمل على التكرار أحوط للمكلف، لأنه إن كان للتكرار، فقد حصل المقصود، ولا ضرر، وإن لم يكن للتكرار لم يكن فعله مضرا.
الثامنة: إن الامر بالشئ نهي عن جميع أضداده، والنهي عن أضداده يقتضي استغراق الزمان، وذلك يستلزم استدامة فعل المأمور به.
التاسعة: قوله، صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم أي فأتوا بما أمرتكم به ما استطعتم، وذلك يقتضي وجوب التكرار.
العاشرة: أن عمر بن الخطاب سأل النبي، صلى الله عليه وسلم، لما رآه قد جمع بطهارة واحدة بين صلوات عام الفتح، وقال: أعمدا فعلت هذا يا رسول الله؟ فقال: نعم ولولا أنه فهم تكرار الطهارة من قوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) * (5 المائدة: 6) لما كان للسؤال معنى.
الحادية عشرة: أنه إذا قال الرجل لغيره: أحسن عشرة فلان، فإنه يفهم منه التكرار والدوام.