وأما شبه القائلين بامتناع احتمال التكرار، فأولها أن من قال لغيره ادخل الدار يعد ممتثلا بالدخول مرة واحدة، كما أنه يصير ممتثلا لقوله اضرب رجلا بضرب رجل واحد. ولذلك، فإنه لا يلام بترك التكرار، بل يلام من لامه عليه.
وثانيها: أنه لو قال القائل صام زيد صدق على المرة الواحدة من غير إدامة، فليكن مثله في الامر.
وثالثها: أنه لو حلف أنه ليصلين أو ليصومن، برت يمينه بصلاة واحدة وصوم يوم واحد، وعد آتيا بما التزمه، فكذلك في الالتزام بالامر.
ورابعها: أنه لو قال الرجل لوكيله طلق زوجتي لم يملك أكثر من تطليقة واحدة.
وخامسها: أنه لو كان الامر للتكرار، لكان قوله صل مرارا غير مفيد، وكان قوله صل مرة واحدة نقصا، وليس كذلك.
وسادسها: أنه لو كان مطلق الامر للتكرار، لكان الامر بعبادتين مختلفتين لا يمكن الجمع بينهما إما تكليفا بما لا يطاق، أو أن يكون الامر بكل واحدة مناقضا للامر بالأخرى، وهو ممتنع.
وأما شبه القائلين بالوقف، فأولها أن الامر بمطلقه غير ظاهر في المرة الواحدة ولا في التكرار، ولهذا، فإنه يحسن أن يستفهم من الآمر عند قوله اضرب ويقال له مرة واحدة أو مرارا. ولو كان ظاهرا في أحد الامرين لما حسن الاستفهام.
وثانيها أنه لو كان ظاهرا في المرة الواحدة لكان قول الآمر اضرب مرة واحدة تكرارا أو مرارا تناقضا، وكذلك لو كان ظاهرا في التكرار.
والجواب: عن الشبهة الأولى للقائلين بالتكرار هو أن حمل بعض الأوامر، وإن كانت متكررة، على التكرار، لا يدل على استفادة ذلك من ظاهرها، وإلا كان ما حمل من الأوامر على المرة الواحدة، كالحج ونحوه، مستفادا من ظاهر الامر، ويلزم من ذلك إما التناقض أو اعتقاد الظهور في أحد الامرين دون الآخر من غير أولوية وهو محال.