الأولي الثابت مع إصابة الأصل أو الامارة للواقع، أو الثانوي الثابت مع خطئهما، وهذا كاف في تنجز التكليف الثانوي لو فرض ثبوته، بخلاف مورد القطع، لان القاطع لا يحتمل ثبوت الحكم الثانوي حتى يتنجز مع العلم المذكور.
ودعوى: أنه يكفي في استحقاق العقاب على مخالفة التكليف الواقعي مع الجهل به الاقدام في مورده على مخالفة المولى ولو باعتقاد تكليف آخر خطأ، فمن أقدم على شرب الخمر فشرب ماء مغصوبا استحق العقاب للمعصية وإن كان ما قصده لم يقع وما وقع منه لم يقصد.
مدفوعة: بأن استحقاق العقاب في مثل ذلك - لو تم - فهو بلحاظ الاقدام على مخالفة ما اعتقده خطأ، وهو مبني على استحقاق المتجري للعقاب الذي هو محل الكلام في المقام، لا بلحاظ مخالفة التكليف الواقعي المجهول، ليكون معصية حقيقية، ولذا لا تكون مرتبة العقاب تابعة له ارتكازا، فمن رأى شبحا واعتقد أنه حيوان مملوك لمسلم، فقتله، وتبين أنه إنسان مؤمن، لا يستحق عقاب قاتل المؤمن، بل غاية ما يستحقه بتجريه عقاب المعتدي على المسلم بإتلاف ملكه.
وبالجملة: استحقاق العقاب في مثل ذلك - لو تم - فهو بملاك التجري، لا بملاك المعصية الحقيقية.
نعم، لو اشترك المقطوع به والمجهول في موضوع تكليف واحد استحق عقابه بملاك المعصية الحقيقية وإن اختلفا في بعض الخصوصيات الخارجة عن التكليف أو الموجبة لزيادته، كما لو شرب خمرا باعتقاد أنه من خمر زيد، فبان أنه من خمر عمرو، أو شرب خمرا باعتقاد أنه ماء متنجس، فإنه يستحق في الأول عقاب الخمر، وفي الثاني عقاب شرب النجس، بملاك المعصية الحقيقية، لمصادفة ما اعتقده للواقع في الجهة المشتركة المقتضية للحرمة، وإن خالفه في بعض الخصوصيات كخصوصية كونه من زيد أو خصوصية الخمرية.