يقتضي الكف لا مجرد الترك - ولا جزاء ما يقطع خطأ بأنه من أفراد الواجب - كما نبه له بعض مشايخنا - ولترتيب بقية آثار العنوان الذي هو مورد تكليف، كالحد والكفارة ونحوهما مما يساق في الأدلة مساق التكليف بالعنوان، إذ لا مجال للتفكيك بين الآثار المذكورة والتكليف في الموضوع مع سوقها في الأدلة في مساق واحد، فتأمل.
ومن الظاهر أنه لا مجال للبناء على ذلك.
على أنه لا يرجع إلى حرمة الفعل المتجري به شرعا، كما هو المدعى في تحرير محل الكلام، بل إلى وجوب اختيار تركه شرعا كاختيار الترك في مورد الإصابة، من دون أن يحرم نفس الفعل الخارجي في مورد الإصابة أو الخطأ.
وثالثا: أنه لا وجه لصرف التكليف بالعنوان إلى التكليف بالاختيار والإرادة المتعلقين به، فإن توقف التكليف على القدرة لا يقتضي إلا التكليف بالواقع في ظرف كونه مقدورا، لا التكليف باختياره وإرادته.
نعم، قد يقال: إن الغرض من التكليف إحداث الداعي في نفس المكلف ليختار ما كلف به، فالمطلوب للآمر هو الاختيار، لأنه الغرض من التكليف.
وفيه: أن كون الاختيار داعيا للتكليف وغرضا منه لا يقتضي كونه مطلوبا لآمر، بحيث يكون هو المكلف به، بل هو نظير تخويف المكلف الذي قد يكون غرضا من الخطاب، وليس المطلوب إلا العنوان الواقعي الذي جعل في الأدلة موردا للتكليف.
وبعبارة أخرى: حدوث الداعي في نفس المكلف واختياره لما كلف به مما قد يترتب تكوينا على التكليف، لا أنه هو المكلف به.
على أن ما اشتهر من أن الغرض من التكليف إحداث الداعي لا أصل له، كيف وقد يعلم المولى بعدم حدوث الداعي في نفس المكلف، لكونه في مقام التمرد عليه، وذلك لا يمنعه من تكليفه له، الناشئ من إرادته التشريعية المتقومة