الندب، فقد نقل شيخنا الأعظم قدس سره أنه نقل غير واحد اتفاق المتكلمين على وجوب إتيان الواجب والمندوب لوجوبه أو ندبه أو لوجهها، وأن السيد الرضي قدس سره نقل إجماع أصحابنا على بطلان صلاة من لا يعلم أحكامها، وأن أخاه السيد المرتضى أقره على ذلك.
قال قدس سره في خاتمة البراءة والاشتغال بعد نقل ذلك: (بل يمكن أن يجعل هذان الاتفاقان المحكيان من أهل المعقول والمنقول المعتضدان بالشهرة العظيمة دليلا في المسألة، فضلا عن كونهما منشأ للشك الملزم للاحتياط، كما ذكرنا).
لكن لم يتضح الوجه في اعتبار قصد الوجه في العبادة، إذ لو أريد به أنه معتبر عند العقلاء في الإطاعة فقد تحقق في محله عدم اعتبار أصل قصد التقرب فيها عندهم فضلا عن قصد الوجه، ولذا كان الأصل في الأوامر التوصلية.
كيف ولو كان معتبرا في أصل الإطاعة لزم تعذرها بتعذر الفحص وعدم مشروعية الاحتياط لا مع العلم الاجمالي ولا مع الشك البدوي، مع مفروغيتهم عن مشروعيته حينئذ. والفرق بين صورتي التعذر وعدمه تحكم تأباه المرتكزات العقلائية جدا.
ولعل مراد المتكلمين من دخل قصد الوجه في الإطاعة دخله في الإطاعة المستلزمة للمدح والثواب، لا في الإطاعة التي يقتضيها الامر وتكون مسقطة له، التي هي محل الكلام.
وإن كان التحقيق عدم اعتبار قصد الوجه في الإطاعة حتى بالمعنى المذكور، بل يكفي فيها الاتيان بداعي موافقة ملاك المحبوبية، الأعم من الايجابية والندبية وإن كانت محتملة، في مقابل الاتيان به بدواع اخر لا دخل لها بالمولى.