بقي الكلام في تحرير المبحث فيما هو الواجب فان في هذا المقام أيضا هوسات وصيحات عظيمة.
فمنهم ذهب إلى أن الواجب منها مطلق المقدمة ولو لم يوصل ولا قصد به التوصل إلى ذيها.
ومنهم ذهب إلى أن الواجب ما قصد به التوصل ولو لم يوصل.
ومنهم ذهب إلى أن الواجب خصوص الموصل منها ولو لم يقصد به التوصل.
والتحقيق هو الأخير ثم الأول.
وأردأ الوجوه هو الوسط.
وذلك لان ما هو تمام الموضوع للإرادة الغيرية ليس إلا ذات المقدمة ولذا يترشح الإرادة من الأغراض الأصلية إلى ذوات الأفعال في كلية الواجبات النفسية التي كانت الإرادة [المتعلقة] بها ناشئة من الغرض المترتب عليها.
كيف؟ ولو كان لقصد التوصل إلى ذيها دخلا في وجوب المقدمة يلزم عدم ترشح الإرادة من الغرض إلى ذوات الأفعال بل لا بد من كون دخل قصد التوصل به إلى الغرض دخيلا في وجوب العمل ولازمه في مقام التقرب في الواجبات النفسية عدم كفاية اتيان ذات العمل بداعي محبوبيته ومراديته لدى المولى بل لا محيص من اتيانه بقصد التوصل به إلى الغرض.
وهو مضافا إلى أنه فاسد جدا كما تقدم لازمه عدم التقرب بدعوة أمرها إذ نفس قصد التوصل به إلى الغرض كاف في التقرب بها فلا تنتهي النوبة إلى حصول التقرب بدعوة أمره الذي هو في الرتبة المتأخرة عن قصد التوصل المزبور بعد الجزم بان في عبادة وعمل واحد لا يكون تقربان كما لا يخفى.
ولعمري ان هذا البيان برهان جزمي في عدم دخل قصد التوصل في وجوب المقدمة وإنما هي من تبعات التقرب بها ولو لم [تكن] واجبة لا أنها دخيلة في