من أسباب الدنيا، معرضا عن الدنيا، مقبلا على أعماله العلمية، ورعا تقيا، حلو المعاشرة، تغمده الله برحمته.
أخلاقه:
كان الفقيه العراقي معروفا بالتواضع وطيب الأخلاق وخفة الروح والابتعاد عن التكلفات التي يلتزم بها من شأنه مثله في الفقاهة والعلم والزعامة الدينية. وكان تلاميذه يحبونه بسبب هذه البساطة في المعاشرة ومنهم من كان يختص به في كل دروسه في الفقه والأصول مثل جدنا الفقيه الشيخ محمد تقي البروجردي رحمه الله الذي اختص به ولازمه في حياته، ولم يفارقه حتى فرق بينهما الأجل الذي لابد منه. كان يشعر تلاميذه تجاهه بعلاقة أعمق وأوسع من علاقة التلمذة، فقد كان أستاذهم وصديقهم في وقت واحد. فكان رحمه الله إذا رقى منبر الدراسة يهيمن على عقولهم وأفكارهم يصغون إليه باحترام فإذا نزل المنبر وجلسوا إليه في مجالسه الخاصة أنس بهم وأنسوا به وبادلهم النكت والطرف ويحفظ له تلاميذه نكتا ظريفة كثيرة، كانوا يتفكهون بها عندما يتذكرون شيخهم العراقي ويترحمون عليه. وقلما رأيت في شيوخ العلم من يحفظ له تلاميذه بين احترام العلم وتوقير الفقه وانس الخلة فيما يجري بين الأخلاء من طرف ومرح ومزاح ليس فيه معصية الله ولا تجاوزا لحدود الأدب الذي يتطلبه مثل هذه الحالات. وكانت مع ذلك مجالسه الخاصة مثالا للالتزام بحدود الله وتقوى المعاشرة فلا يسمح لأحد من جالسيه أن يمس أحدا بسوء أو ينال منه أو يذكر أحدا في غيابه بما حرم الله تعالى من الغيبة وكان لهذه التربية العملية أثرا حسنا على نفوس تلاميذه.
مواهبه العقلية:
كان من نوابغ عصره من دون ريب وقد آتاه الله تعالى فكرا قويا ثاقبا