[المقالة الثانية] [في حقيقة الوضع] لا شبهة في عدم دلالة الألفاظ على معانيها بنفس ذاتها، بحيث [يفهم] كل أحد من اللفظ معناه بلا توسيط شئ آخر في البين، ولا أظن توهمه من أحد، فليس نظر من التزم بأن دلالة الألفاظ [مستندة] إلى المناسبات الذاتية إلى كون المناسبة المزبورة مما يلتفت إليها كل أحد، وبتوسطها يفهم المعنى من نفس اللفظ بلا قرينة عامة أو خاصة بل قصارى ما يتخيل في المقام أمران:
أحدهما: أن تعيين كل لفظ لأي معنى وتخصيصه به لابد وأن يكون لخصوصية وربط بينهما كي لا يلزم الترجيح بلا مرجح في هذا التخصيص، مع الالتزام بأن هذه الخصوصية لابد وان تكون ملتفتا إليها حين الوضع والتخصيص لدى الواضع والمعين. وحيث إن المحيط بهذه الجهات أليس إلا علام الغيوب فالجاعل لا يكون الا هو، غاية الأمر قد ألهم غيره في استعماله اللفظ الخاص في معنى مخصوص بلا التفاته [إلى] خصوصيتها. مؤيدا ذلك أيضا بأن المحيط بألفاظ غير متناهية ومعاني كذلك لا يكون إلا الباري عز اسمه علاوة من عدم معروفية أحد في وضع هذه الألفاظ بكثرتها واختلاف لغاتها من تاريخ أو غيره ولو كان الواضع أحد من المخلوقين لبان.
ثانيهما: هذا المعنى مع عدم لزوم التفات الواضع إلى المناسبة المزبورة بل المناسبة الواقعية دعته إلى التفاته [إلى لفظ مخصوص] والمعنى كذلك