[المقالة السادسة] في علامات الحقيقة والمجاز قد ذكروا لعلائم الوضع أمورا من التبادر وصحة السلب والاطراد، ولكن هذه الأمور ليست بمساق واحد، إذ التبادر علامة لوجوب الوضع، وصحة السلب علامة عدمه، والاطراد علامة لاستناد التبادر أو صحة السلب إلى حاق اللفظ ورافع [احتمال] استنادهما إلى قرينة حافة بالكلام ولو بمثل الانصراف الاطلاقي، حيث إن الاستقراء في موارد الاستعمال - سلبا أم ايجابا - ربما يكشف بحكم ارتكاز الذهن ان فهم المعنى - سلبا أم ايجابا - مستند إلى نفس اللفظ لا قرينة أخرى، كما أنه قد يستفاد هذه الجهة من أمر آخر بحيث لا يحتاج إلى استقراء موارده، ومن المعلوم حينئذ انه ينتقل تفصيلا إلى وجود الوضع أو عدمه وان كان منشأ هذا الانفهام هو الارتكاز الاجمالي.
وباختلاف العلمين تفصيلا واجمالا [ترفع] شبهة الدور المعروفة ولو بتقريب ان مطلقهما لا يكون علامة ومقيدا باستنادهما إلى الوضع يوجب الدور، لوضوح الجواب بأن مجرد استنادهما إلى اللفظ المجرد كاف في اثبات الوضع، واستكشاف هذا الاستناد بالأخرة ينتهي إلى العلم الاجمالي الارتكازي ولو من أهل المحاورة وهو الموجب للعلم التفصيلي بالوضع كما لا يخفى فتدبر (1).