[المقالة الخامسة عشرة] اطلاق الأمر أو الخطاب هل يقتضي التوصلية أم لا؟
فيه كلام. وتوضيح هذا المقصد يقتضي تقديم مقدمة في بيان المراد من التعبدية والتوصلية.
المشهور بين القدماء كون المدار في توصلية المأمور به معلومية الغرض الداعي على الأم بحيث يعلم ان المقصود للآمر أو المأمور التوصل به إلى هذا الغرض. وفي قباله ما لا يعلم الغرض المزبور فيسمى تعبديا بملاحظة ان الاقدام به ليس إلا من جهة التعبد [لمولاه] بلا قصده التوصل به إلى شئ معلوم وعند أهل العصر من أمثال زماننا كون المدار في التوصلية على عدم احتياج حصول الغرض والمصلحة القائمة بالمأمور به إلى كون الفعل قربيا، قبال ما إذا احتاج إلى ذلك فيسمى تعبديا.
ولئن قيل: بأن المدار في التوصلية على عدم احتياج رفع اشتغال الذمة بالمأمور به على اتيانه قربيا قبال احتياجه إليه فيسمى تعبديا لكان أشمل من التعريف السابق، إذ حينئذ ربما يحكم بالتوصلية مع عدم العلم بحصول الغرض والمصلحة المزبورة بلا كون العمل قربيا بخلافه على الأول.
ولكن ربما يقال: إن ذلك لا يكون إلا مع الشك في التعبدية والتوصلية واقعا، وإلا فمع العلم بالتعبدية لا يكاد يسقط الغرض إلا بقربية العمل وحينئذ فالتعبدية الواقعية منوطة به فتعين التعريب الأول. (*)