في الضدين مع عدم الآخر بلا مقدمية لأحدهما على الآخر أصلا.
وحينئذ فلا موجب لاقتضاء الأمر بأحدهما النهي عن الآخر إذ قد عرفت بأن ما هو مقتضي له من المقدمية فصغراه ممنوعة وما هو موجود من صغرى الملازمة فكبري اقتضائه ممنوعة. ولذا كان نظر المشهور بين القائلين بالاقتضاء إلى حيث المقدمية والتمانع المصطلحة ولا أظن فيهم من التزم باقتضاء صرف تلازم الوجودين التلازم بين حكميهما فراجع كلماتهم.
نعم غاية ما يقتضي التلازم المزبور عدم اجتماع الأمر بأحد الوجودين مع الأمر بالآخر فوجوب الشئ حينئذ لا يقتضي إلا عدم وجوب آخر لا حرمته وهذا المقدار في الجملة مما لا اشكال فيه.
وإنما الاشكال ومعركة الآراء في أن الأمر بشئ يقتضي عدم الأمر بضده على الاطلاق ويقتضي عدم اطلاق أمره.
وأما إذا كان مشروطا بعصيانه بنحو الشرط المقارن فلا يقتضي الأمر بضده منعه.
وإليه ذهب جملة من أساطين الفن، مبدأهم المحقق الثاني صاحب جامع المقاصد على ما نسب إليه وأيد هذا المسلك سيد الأساطين الميرزا الشيرازي عطر الله مرقده وتبعه جملة من أساتيد العصر رضوان الله عليهم.
ولا يخفى أن هذا المسلك يقتضي قهرا طولية الأمرين ولعله وجه مناسبة تسمية هذه المسألة بالترتب.
وعمدة نظرهم في وجه تصحيح الأمرين المزبورين في زمان واحد هو أن وجه المضادة بين الأمرين على الاطلاق وقوع المطاردة بينهما حيث إن كل أمر يقتضي وجودا طاردا لضده ولازمه ايقاع المكلف فيما لا يطاق، وأما إذا كان أحدهما مشروطا بعصيان الآخر فلا يقتضي هذا الأمر طرد الآخر لعدم اقتضاء الأمر المشروط حفظ شرطه كما أن الآخر أيضا لا يطارد هذا لأمر المشروط