تكون المصلحة الداعية على أمرها إلا مصلحة ضمنية، وبديهي أن الأمر المستفاد منها ليس إلا بتبع هذه المصلحة المعلوم عدم صلاحيتها للشمول لصورة فقد الجزء الآخر، ولذا لم يتوهم أحد بالتمسك في موارد الاضطرار بل تمام نظرهم إلى مثل قاعدة الميسور المنوط تطبيقها على صدق ميسور المعسور على البقية.
ولو كان النظر إلى قاعدة الاضطرار لما [كان] يحتاج إلى هذه العناية، مع أن سوق أدلة الأجزاء في مقام بيان ماله الدخل في المركب بلا نظر فيها إلى أزيد مما كان المركب مسوقا له ولذا نرى بناءهم على عدم التمسك بمثل اطلاق أدلة بقية الأجزاء عند الشك في دخل شئ آخر في باب الأقل والأكثر بل كان مرجعهم فيه البراءة أو الاشتغال.
وبالجملة من مثل هذه العمومات [لا يكاد يثبت] وجود البقية لا من قبل نفسها ولا من قبل أدلة بقية الأجزاء والشرائط.
فإن قلت: إن ظاهر قوله (يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله امسح على المرارة) (1) استفادة التكليف بالمسح على المرارة من نفس قاعدة الحرج ولازمه كون مثل هذه القواعد علاوة على استفادة نفي التكليف عن المضطر إليه منها يستفاد أيضا منها اثبات التكليف بالفاقد.
قلت: في خصوص المورد لما كان نفي التكليف عن الفاقد أيضا موجبا لاثبات تكليف آخر من وجوب التيمم الذي هو من آثار رفع التكليف عن المائية بالمرة ففي مثله طبع الامتنان يقتضي أن [يكون] مثبتا لأخف الأمرين. وأين هذا وسائر الموارد التي لا يترتب على نفي التكليف رأسا شئ؟.
مع امكان أن يقال: إن نظر استشهاد الإمام عليه السلام بعموم الحرج أيضا إلى حيث نفي التكليف بالأمر الحرجي من المسح على البشرة وان اثباته التكليف بالمرارة بتعبد جديد فلا ينافي حينئذ ما ذكرنا كما لا يخفى.