بل وهنا تقريب رابع - مبني على ما سنقول من معارضة أدلة الاختيارية مع اطلاق دليل الاضطراري وتقديم الاختيارية عليها -: بان أدلة الاضطرارية كما يقتضي اطلاقها الوفاء بتمام المصلحة، كذلك يقتضي بمدلوله الالتزامي إجزاؤه عن الاختياري، وحينئذ فغاية ما يقتضيه تقديم أدلة الاختيارية عليها نفي وفائها بتمام المصلحة لا نفي اقتضائها الاجزاء لإمكان المصير إليه بمناط التفويت المعلوم عدم اقتضاء دليل الاختياري لقابلية الباقي للتدارك كما لا يخفى.
أقول: لا مجال لاثبات [الاجزاء] بأي المناطين بمثل هذه التقريبات وتوضيح المقال بأن يقال:
أما [التقرير] الأول فنقول: إن ما أفيد من اقتضاء أدلة الاضطرار وفاءه بتمام المصلحة في غاية المتانة، ولكن مقتضى اطلاقات أدلة الاختيارية أيضا دخل القيد في المصلحة الملازم لوجوب حفظ القدرة على تحصيل القيد وحرمة تفويت الاختيار. ولا شبهة في أن لازمه أيضا عدم وفاء المضطر إليه بتمام المصلحة [فيتعارضان].
بل ولنا أن ندعي تقديم ظهور أدلة الاختيارية في دخل القيد في المصلحة على ظهور أدلة الاضطرارية في الوفاء بتمام المصلحة، إذ الظهور الأول مستند إلى وضع الهيئة التركيبية في دخل ما هو موضوع الخطاب والأمر في المصلحة وهذا الظهور أقوى من ظهور الاطلاق المزبور في أدلة الاضطرار كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى أن اطلاق أدلة الاختيارية بعد ما اقتضى حفظ الاختيار في تحصيل القيد فلازمه كونه ناظرا إلى رفع الاضطرار عنه ومرجعه حينئذ إلى نظره إلى رفع موضوع أدلة الاضطرار.
وأدلة الاضطرارية لا نظر فيها إلى حفظ موضوعها بل غاية الأمر اطلاقها يقتضي نفي وجوب القيد الملازم لعدم حرمة تفويت الاختيار، وهذا النظر يعارض حكم أدلة الاختيارية بلا نظر له إلى رفع موضوع أدلة الاختيار.