عاصيا لمولاه إلا أن يصرح المولى ويقوم دليل من جهته على عدم تكليفه حينئذ، وإلا فقضية إطلاق وجوب الطاعة هو وجوب مراعاة الامتثال في ذلك أيضا، وذلك يقتضي وجوب مراعاة الاحتياط مع الاشتباه حسب ما مر بيانه، فهو في الحقيقة دليل تفصيلي على وجوب الاحتياط عن الأمرين، وإنما يتم ما ذكر - على فرض تسليمه - لو لم يقم ما ذكر من الدليل قاضيا بوجوب الاجتناب. وما ذكر من جريان ذلك في غير المحصور من غير ظهور فرق في ذلك بينه وبين المحصور قد عرفت فساده مما ذكرناه سابقا فلا حاجة إلى تكراره.
وعلى الثاني: أن ما ينصرف إليه تلك الأخبار هو الجاهل الصرف، وغاية ما يسلم اندراج غير المحصور فيه، لعدم الاعتداد بالعلم الاجمالي الحاصل هناك في نظر العرف، فيعد جاهلا مطلقا، وأما فيما نحن فيه فلا ريب في حصول العلم بالحرام والحلال معا.
غاية الأمر دوران الحل والحرمة بين الفردين، ومثل ذلك لا يعد جهلا بالحرام، فلا يندرج ذلك في تلك الأخبار، ولا أقل من عدم انصراف ظاهر إطلاقها إليه، وهو كاف في عدم نهوضها حجة في المقام.
وعلى الثالث: المستفاد من صحيحة عبد الله بن سنان وما بمعناها أنه إذا كانت الطبيعة النوعية مشتملة على الفرد الحلال والحرام كانت محكومة بحلها حتى يتبين حرمتها، ومحصله أن مجرد وجود الحرام في أفراد الطبيعة المفروضة لا يقضى بالاجتناب عن جزئياتها إلا مع العلم بحرمتها. وأين ذلك مما إذا علم وجود حرام وحلال هناك واشتبه أحدهما بالآخر؟ ليفيد الرواية حل الحرام المعلوم من جهة الاشتباه المفروض، بل غاية ما يستفاد منها هو حل الحرام المجهول من أصله حسب ما قررنا.
كيف! ولو كان الدوران بين الفردين مع العلم بحرمة أحدهما بخصوصه محللا من غير لزوم تجسس عن خصوص المحرم ولو مع سهولة الأمر في استعلامه - كما هو مقتضى الروايات المسطورة - لزم تحليل معظم المحرمات بذلك، كالمرأة