في حكم النجس في عدم جواز استعماله فيما يشترط بالطهارة من رفع حدث أو إزالة خبث أو أكل أو شرب ونحوها. وليس ذلك من قبيل الاستقراء الظني كما قد توهمه بعض العبائر ليكون من قبيل إثبات القواعد النحوية ونحوها من تتبع مواردها. بل نقول: إنه مستفاد من ملاحظة جميع تلك الأخبار فهو مدلول عرفي لمجموع تلك الروايات، وكما أن المستفاد من ظاهر خبر واحد حجة شرعا فكذا المستفاد من جميعها بعد ضم بعضها إلى البعض، لاندراجه إذن تحت المداليل اللفظية، فيدل على جواز الاتكال عليه ما دل على حجية ظواهر الألفاظ.
حجة القول بالإباحة مطلقا أمور:
أحدها: أن حرمة تلك المصاديق وجريان أحكام النجس عليها في المشتبه بالنجس تكليف شرعي، يتوقف ثبوتها على العلم، سيما بالنسبة إلى الموضوعات، ولذا يجوز استعمال ما لم يعلم حرمته أو نجاسته بالمرة، والعلم بحرمة أحدهما أو نجاسته لا يثمر في المقام، لعدم قضائه بالعلم بحرمة شئ خاص فالجهل الأولي باق بالنسبة إلى كل منهما وهو قاض بنفي التكليف، كيف! ولو كان العلم الاجمالي كافيا في إثبات التكليف لجرى في غير المحصور، للعلم بحرمة البعض ونجاسته أيضا مع أنه لا يثمر في الحكم بنجاسة شئ من الخصوصيات، وكذا الحال في الجنابة الدائرة بين الشخصين مع العلم به بالنسبة إلى أحدهما، فإنه لا يثمر في إثبات التكليف بالنسبة إلى شئ منهما. فمقتضى الأصل المقرر هو البناء على عدم التكليف حتى يقوم دليل على ثبوته، والعلم بتحريم أحد الشيئين أو الأشياء غير قاض بالعلم بتحريم الخاص، كما أن العلم بثبوت حرام ما ونجس ما غير قاض بثبوت الحرمة بالنسبة إلى الخاص، والعلم بثبوت الجنابة لأحدهما لا يقضي بالحكم بها بالنسبة إلى شئ منهما.
الثاني: عدة من الأخبار الدالة على معذورية الجاهل - مما مرت الإشارة إليها - فإنها بإطلاقها تعم الجاهل بالموضوع، بل ربما يدعى ظهور بعضها في ذلك دون الحكم، حسب ما مرت الإشارة إليه، منها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) رفع عن أمتي تسعة