أيها الناس في التدبير حيث مكنكم من التوالد والتناسل، وهيأ لكم من مصالحكم ما تحتاجون إليه في ترتيب المعاش وتدبير التوالد، وجعلها أزواجا تبقى ببقائكم، وعلى هذا يكون التقدير: وجعل لكم من الأنعام أزواجا. وهذا أنسب بنظم الكلام مما قرروه، وهو جعل الأنعام أنفسها أزواجا.
وقوله: (يذرؤكم فيه) أي في هذا التدبير، كأنه محل لذلك، ولم يقل " به " كما قال: (ولكم في القصاص حياة)، لأنه مسوق لإظهار الاقتدار مع الوحدانية، فأسقط السببية، وأثبت " في " الظرفية، وهذا وجه من إعجاز قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، لأن الحياة من شأنها الاستناد إليه سبحانه لا إلى غيره، فاختيرت " في " على " الباء "، لأنه مسوق لبيان الترغيب والمعنى مفهوم، والقصاص مسوق للتجويز وحسن المشروعية، (وأن تعفوا أقرب للتقوى).
الرابع تغليب المتصف بالشيء على ما لم يتصف به كقوله تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا)، قيل: غلب غير المرتابين على المرتابين، واعترض بقوله تعالى: (وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)، وهذا خطاب للكفار فقط قطعا، فهم المخاطبون أولا بذلك، ثم " إن كنتم صادقين 2 لا يتميز فيها التغليب، ثم هي شاهدة بأن المتكلم معهم يخص