رعاية للمناسبة في المتعاطفين. وتوجيه الجماعة أنه لما تقدم على الثاني صريح التأنيث في " منكن " حسن الحمل على المعنى.
وقال أبو الفتح في " المحتسب ": لا يجوز مراجعة اللفظ بعد انصرافه عنه إلى المعنى:
وقد يورد عليه قوله: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين.
وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون) ثم قال: (حتى إذا جاءنا)، فقد راجع اللفظ بعد الانصراف عنه إلى المعنى، إلا أن يقال: إن الضمير في " جاء " يرجع إلى الكافر لدلالة السياق عليه، لا إلى " من ".
ومنه الفرق بين " أسقى " و " سقى " بغير همز، لما لا كلفة معه في السقيا، ومنه قوله تعالى:
(وسقاهم ربهم شرابا طهورا) فأخبر أن السقيا في الآخرة لا يقع فيها كلفة، بل جميع ما يقع فيها من الملاذ يقع فرصة وعفوا، بخلاف " أسقى " بالهمزة، فإنه لا بد فيه من الكلفة بالنسبة للمخاطبين، كقوله تعالى: (وأسقيناكم ماء فراتا)، (لأسقيناهم ماء غدقا)، لأن الإسقاء في الدنيا لا يخلو من الكلفة أبدا.
ومنه قوله تعالى: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون)، قال أبو سلمة محمد بن بحر الأصبهاني في تفسيره: إنما خص الموزون بالذكر دون المكيل، لأمرين:
أحدهما: أن غاية المكيل ينتهى إلى الموزون، لأن سائر المكيلات إذا صارت قطعا دخلت في باب الموزون وخرجت عن المكيل، فكان الوزن أعم من المكيل.
والثاني: أن في الموزون معنى المكيل، لأن الوزن هو طلب مساواة الشيء بالشيء