ومنه: (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم).
ومنه قوله تعالى: (ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون)، فإنه وصفهم أولا بالعلم على سبيل التوكيد القسمي، ثم نفاه أخيرا عنهم لعدم جريهم على موجب العلم، كذا قاله السكاكي وغيره.
وقد يقال: لم يتوارد النفي والإثبات على محل واحد، لأن المثبت أولا نفس العلم، والمنفي إجراء العمل بمقتضاه. ويحتمل حذف المفعولين أو اختلاف أصحاب الضميرين.
قال: ونظيره في النفي والإثبات قوله: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
قلت: المنفي أولا التأثير، والمثبت ثانيا نفس الفعل.
ومن هذه القاعدة يزول الإشكال في قوله: (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) والمعنى: إن لم تفعل بمقتضى ما بلغت فأنت في حكم غير المبلغ، كقولك لطالب العلم: إن لم تعمل بما علمت فأنت لم تعلم شيئا، أي في حكم من لم يعلم.
* * * ومنه نفي الشيء مقيدا والمراد نفيه مطلقا، وهذا من أساليب العرب يقصدون به المبالغة في النفي وتأكيده، كقولهم: فلان لا يرجى خيره، ليس المراد أن فيه خيرا لا يرجى، وإنما غرضهم أنه لا خير فيه على وجه من الوجوه.
ومنه: (ويقتلون النبيين بغير حق)، فإنه يدل [على] أن قتلهم لا يكون إلا بغير حق، ثم وصف القتل بما لا بد أن يكون من الصفة، وهي وقوعه على خلاف الحق.