الذين هادوا حرمنا)، هو متعلق بقوله: (فبظلم)، وقد اشتمل الظلم على كل ما تقدم قبله، كما أنه أيضا اشتمل على كل ما تأخر من المحرمات الأخر التي عددت بعد ما اشتملت على ذكر الشئ بالعموم والخصوص، فذكرت الجزئيات الأولى بخصوص كل واحد، ثم ذكر العام المنطوي عليها، فهذا تعميم بعد تخصيص. ثم ذكرت جزئيات أخر بخصوصها، فتركيب الأساليب من وجوه كثيرة في الآية، وهو التعميم بعد التخصيص، ثم التخصيص بعد التعميم، ثم البناء بعد الاعتراض.
ومنه قوله تعالى: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) إلى قوله: (عذابا أليما)، فقوله: (ولولا رجال مؤمنون) إلى قوله: (بغير علم) هو المقتضى الأول المتقدم، وقوله (لو تزيلوا) هو المقتضى الثاني وهو البناء، لأنه المذكر بالمقتضى الأول الذي هو " لولا " خشية تناسيه، فهو مبنى على الأول، ثم أورد مقتضاها من الجواب بقوله: (لعذبنا الذين كفروا منهم) ورودا واحدا من حيث أخذا معا، كأنهما مقتضى منفرد، من حيث هما واحد بالنوع، وهو الشرط الماضي. فقوله:
(لو تزيلوا) بناء على قوله: (ولولا رجال) نظر في المضارعة. وأما قوله: (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) فيجوز أن يكون تكريرا، ويجوز أن يكون الكلام عند قوله:
(وأصلحوا) ويكون الثاني بيانا لمجمل لا تكرير.
وقد جعل ابن المنير من هذا القسم قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه) ثم قال: (من شرح بالكفر صدرا).