المسألة الرابعة: هذه الآية دالة على أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعد أن يدعو أبناءه، فدعا الحسن والحسين، فوجب أن يكونا ابنيه، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام * (ومن ذريته داود وسليمان) * (الأنعام: 84) إلى قوله * (وزكريا ويحيى وعيسى) * (الأنعام: 85) ومعلوم أن عيسى عليه السلام إنما انتسب إلى إبراهيم عليه السلام بالأم لا بالأب، فثبت أن ابن البنت قد يسمى ابنا والله أعلم. المسألة الخامسة: كان في الري رجل يقال له: محمود بن الحسن الحمصي، وكان معلم الاثني عشرية، وكان يزعم أن عليا رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد عليه السلام، قال: والذي يدل عليه قوله تعالى: * (وأنفسنا وأنفسكم) * وليس المراد بقوله * (وأنفسنا) * نفس محمد صلى الله عليه وسلم لأن الإنسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد، ولا يمكن أن يكون المراد منه، أن هذه النفس هي عين تلك النفس، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة، وفي حق الفضل لقيام الدلائل على أن محمدا عليه السلام كان نبيا وما كان علي كذلك، ولانعقاد الإجماع على أن محمدا عليه السلام كان أفضل من علي رضي الله عنه، فيبقى فيما وراءه معمولا به، ثم الإجماع دل على أن محمدا عليه السلام كان أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام فيلزم أن يكون علي أفضل من سائر الأنبياء، فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية، ثم قال: ويؤيد الاستدلال بهذه الآية، الحديث المقبول عند الموافق والمخالف، وهو قوله عليه السلام: " من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحا في طاعته، وإبراهيم في خلته، وموسى في هيبته، وعيسى في صفوته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه " فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم، وذلك يدل على أن عليا رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم، وأما سائر الشيعة فقد كانوا قديما وحديثا يستدلون بهذه الآية على أن عليا رضي الله عنه مثل نفس محمد عليه السلام إلا فيما خصه الدليل، وكان نفس محمد أفضل من الصحابة رضوان الله عليهم، فوجب أن يكون نفس علي أفضل أيضا من سائر الصحابة، هذا تقدير كلام الشيعة، والجواب: أنه كما انعقد الإجماع بين المسلمين على أن محمدا عليه السلام أفضل من علي، فكذلك انعقد الإجماع بينهم قبل ظهور هذا الإنسان، على أن النبي أفضل ممن ليس بنبي، وأجمعوا على أن عليا رضي الله عنه ما كان نبيا، فلزم
(٨٦)