تفسير الرازي - الرازي - ج ٥ - الصفحة ٥٦
لا يكون مشروعا، أقصى ما في الباب أنه ترك العمل بهذا النص في قتل العالم بالجاهل والشريف بالخسيس، إلا أنه يبقى في غير محل الإجماع على الأصل، ثم إن سلمنا أن قوله: * (كتب عليكم القصاص في القتلى) * يوجب قتل الحر بالعبد، إلا أنا بينا أن قوله: * (الحرب بالحر والعبد بالعبد) * يمنع من جواز قتل الحرب بالعبد؛ هذا خاص وما قبله عام والخاص مقدم على العام لا سيما إذا كان الخاص متصلا بالعام في اللفظ فإنه يكون جاريا مجرى الاستثناء ولا شك في وجوب تقديمه على العام.
الوجه الثاني: في بيان فائدة التخصيص ما نقله محمد بن جرير الطبري عن علي بن أبي طالب والحسن البصري، أن هذه الصور هي التي يكتفي فيها بالقصاص، أما في سائر الصور وهي ما إذا كان القصاص واقعا بين الحر والعبد، وبين الذكر والأنثى، فهناك لا يكتفي بالقصاص بل لا بد فيه من التراجع، وقد شرحنا هذا القول في سبب نزول هذه الآية، إلا أن كثيرا من المحققين زعموا أن هذا النقل لم يصح عن علي بن أبي طالب وهو أيضا ضعيف عند النظر لأنه قد ثبت أن الجماعة تقتل بالواحد ولا تراجع، فكذلك يقتل الذكر بالأنثى ولا تراجع، ولأن القود نهاية ما يجب في القتل فلا يجوز وجوب غيره معه.
أما قوله تعالى: * (فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) * فاعلم أن الذين قالوا: موجب العمد أحد أمرين إما القصاص وإما الدية تمسكوا بهذه الآية وقالوا الآية تدل على أن في هذه القصة عافيا ومعفوا عنه، وليس ههنا إلى ولي الدم والقاتل، فيكون العافي أحدهما ولا يجوز أن يكون هو القاتل لأن ظاهر العفو هو إسقاط الحق وذلك إنما يتأتى من الولي الذي له الحق على القتل، فصار تقدير الآية: فإذا عفي ولي الدم عن شيء يتعلق بالقاتل فليتبع القاتل ذلك العفو بمعروف، وقوله: * (شيء) * مبهم فلا بد من حمله على المذكور السابق وهو وجوب القصاص إزالة للإبهام، فصار تقدير الآية إذا حصل العفو للقاتل عن وجوب القصاص، فليتبع القاتل العافي بالمعروف، وليؤد إليه مالا بإحسان، وبالإجماع لا يجب أداء غير الدية، فوجب أن يكون ذلك الواجب هو الدية، وهذا يدل على أن موجب العمد هو القود أو المال، ولو لم يكن كذلك لما كان المال واجبا عند العفو عن القود، ومما يؤكد هذا الوجه قوله تعالى: * (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) * أي أثبت الخيار لكم في أخذ الدية، وفي القصاص رحمة من الله عليكم، لأن الحكم في اليهود حتم القصاص والحكم في النصارى حتم العفو فخف عن هذه الأمة وشرع لهم التخيير بين القصاص والدية، وذلك تخفيف من الله ورحمة في حق هذه الأمة لأن ولي الدم قد تكون
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض) الآية 2
2 قوله تعالى (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) 3
3 قوله تعالى (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء) 4
4 قوله تعالى (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله) الآية 6
5 قوله تعالى (ومثل الذين كفروا) الآية 8
6 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) الآية قوله تعالى (إنما حرم عليكم الميتة والدم) 11
7 الفصل الأول فيما يتعلق بالميتة 15
8 الدباغ، والانتفاع بالميتة 17
9 ذكاة الجنين 19
10 الفصل الثاني في تحريم الدم 21
11 الفصل الثالث في الخنزير 22
12 الفصل الرابع في تحريم ما أهل به لغير الله تعالى 23
13 الفصل السادس في المضطر 24
14 التداوي بالخمر 27
15 قوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزل الله) الآية 28
16 قوله تعالى (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) 30
17 قوله تعالى (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق) الآية 35
18 قوله تعالى (ليس البر أن تولوا وجوهكم) 37
19 قوله تعالى (ولكن البر من آمن) الآية 41
20 قوله تعالى (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) الآية 47
21 قوله تعالى (في البأساء والضراء) الآية 49
22 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص) 50
23 قوله تعالى (الحر بالحر والعبد بالعبد) 54
24 قوله تعالى (فمن عفى له من أخيه شئ) 56
25 قوله تعالى (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) 60
26 قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) الآية 61
27 قوله تعالى (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت) الآية 64
28 قوله تعالى (إن ترك خيرا) الآية 64
29 قوله تعالى (للوالدين والأقربين) الآية 66
30 قوله تعالى (فمن بدله بعد ما سمعه) الآية 69
31 قوله تعالى (فمن خاف من موص جنفا أو إثما) الآية 71
32 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) الآية 75
33 قوله تعالى (أياما معدودات) الآية 77
34 قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا) الآية 80
35 قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه) الآية 86
36 قوله تعالى (فمن تطوع خيرا فهو خير له) 89
37 قوله تعالى (وأن تصوموا خير لكم) الآية 89
38 قوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) الآية 90
39 قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) 96
40 قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) الآية 99
41 قوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فاني قريب) الآية 102
42 قوله تعالى (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) 111
43 قوله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) الآية 112
44 قوله تعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) الآية 116
45 قوله تعالى (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) الآية 116
46 قوله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) الآية 118
47 قوله تعالى (وكلوا واشربوا) الآية 119
48 قوله تعالى (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض) الآية 120
49 قوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) 122
50 الاعتكاف 124
51 قوله تعالى (تلك حدود الله فلا تقربوها) 126
52 حكم الأموال 127
53 قوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) الآية 127
54 قوله تعالى (يسألونك عن الأهلة) الآية 130
55 قوله تعالى (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) الآية 136
56 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) الآية 139
57 قوله تعالى (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) 141
58 قوله تعالى (والفتنة أشد من القتل) الآية 142
59 قوله تعالى (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) الآية 143
60 قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) الآية 145
61 قوله تعالى (الشهر الحرام بالشهر الحرام) 146
62 قوله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) الآية 147
63 قوله تعالى (وأنفقوا في سبيل الله) الآية 148
64 قوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة 149
65 قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) 151
66 قوله تعالى (فإن أحصرتم) الآية 159
67 قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا) الآية 165
68 قوله تعالى (من صيام أو صدقة أو نسك) 166
69 قوله تعالى (فما استيسر من الهدى) 167
70 قوله تعالى (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) 169
71 قوله تعالى (تلك عشرة كاملة) الآية 170
72 قوله تعالى (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) الآية 173
73 قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) الآية 175
74 قوله تعالى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال) الآية 178
75 قوله تعالى (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) 183
76 قوله تعالى (فإذا أفضتم من عرفات) الآية 188
77 قوله تعالى (واذكروه كما هداكم) الآية 195
78 قوله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) الآية 197
79 قوله تعالى (واستغفروا الله) الآية 199
80 قوله تعالى (فإذا قضيتم مناسككم) الآية 200
81 قوله تعالى (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) 202
82 قوله تعالى (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا) الآية 204
83 قوله تعالى (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة) الآية 206
84 قوله تعالى (واذكروا الله في أيام معدودات) الآية 210
85 قوله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) الآية 212
86 قوله تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله) 215
87 قوله تعالى (وهو ألد الخصام) الآية 218
88 قوله تعالى (وإذا قيل له اتق الله) الآية قوله تعالى (فحسبه جهنم) الآية 222
89 قوله تعالى (ومن الناس من يشرى نفسه) 223
90 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) الآية قوله تعالى (فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات) 229
91 قوله تعالى (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) الآية 231
92 قوله تعالى (وإلى الله ترجع الأمور) 238