وهذا القول أخذ بالأكثر، والتكثير في التكبير أولى لقوله تعالى: * (اذكروا الله ذكرا كثيرا) * (الأحزاب: 41) الثالث: أن هذا هو الأحوط، لأنه لو زاد في التكبيرات فهو خير من أن ينقص منها والرابع: أن هذه التكبيرات تنسب إلى أيام التشريق، فوجب أن يؤتى بها إلى آخر أيام التشريق.
فإن قيل: هذه التكبيرات مضافة إلى الأيام المعدودات وهي أيام التشريق، فوجب أن لا تكون مشروعة يوم عرفة.
قلنا: فهذا يقتضي أن لا يكبر يوم النحر وهو باطل بالإجماع، وأيضا لما كان الأغلب في هذه المدة أيام التشريق؛ صح أن يضاف التكبير إليها.
الموضع الثاني: قال الشافعي رضي الله عنه: المستحب في التكبيرات أن تكون ثلاثا نسقا أي متتابعا، وهو قول مالك، وقال أبو حنيفة وأحمد: يكبر مرتين، حجة الشافعي ما روى عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، قال: رأيت الأئمة يكبرون في أيام التشريق بعد الصلاة ثلاثا، ولأنه زيادة في التكبير، فكان أولى لقوله تعالى: * (اذكروا الله ذكرا كثيرا) * ثم قال الشافعي رضي الله عنه: ويقول بعد الثلاث: " لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد " ثم قال: وما زاد من ذكر الله فهو حسن، وقال في التلبية: وأحب أن لا يزيد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفرق أن من سنة التلبية التكرار فتكرارها أولى من ضم الزيادة إليها، وههنا يكبر مرة واحدة فتكون الزيادة أولى من السكوت، وأما التكبير على الجمار فقد روي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر مع كل حصاة، فينبغي أن يفعل ذلك.
أما قوله تعالى: * (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى) * ففيه سؤالات:
السؤال الأول: لم قال فمن تعجل ولم يقل فمن عجل؟.
الجواب: قال صاحب " الكشاف ": تعجل واستعجل يجيئان مطاوعين بمعنى عجل، يقال: تعجل في الأمر واستعجل، ومتعديين يقال: تعجل الذهاب واستعجله.
السؤال الثاني: قوله: * (ومن تأخر فلا إثم عليه) * فيه إشكال، وذلك لأنه إذا كان قد استوفى كل ما يلزمه في تمام الحج، فما معنى قوله: * (فلا إثم عليه) * فإن هذا اللفظ إنما يقال في حق المقصر ولا يقال في حق من أتى بتمام العمل.
والجواب: من وجوه: أحدها: أنه تعالى لما أذن في التعجل على سبيل الرخصة احتمل أن يخطر ببال قوم أن من لم يجر على موجب هذه الرخصة فإنه يأثم، ألا ترى أن أبا حنيفة رضي الله عنه يقول: القصر عزيمة، والإتمام غير جائز، فلما كان هذا الإحتمال قائما، لا جرم أزال الله