المسألة الأولى: قرأ نافع وابن عامر * (فدية) * بغير تنوين * (طعام) * بالكسر مضافا إليه * (مساكين) * جمعا، والباقون * (فدية) * منونة * (طعام) * بالرفع * (مسكين) * مخفوض، أما القراءة الأولى ففيها بحثان الأول: أنه ما معنى إضافة فدية إلى طعام؟ فنقول فيه وجهان: أحدهما: أن الفدية لها ذات وصفتها أنها طعام، فهذا من باب إضافة الموصوف إلى الصفة، كقولهم: مسجد الجامع وبقلة الحمقاء والثاني: قال الواحدي: الفدية اسم للقدر الواجب، والطعام اسم يعم الفدية وغيرها، فهذه الإضافة من الإضافة التي تكون بمعنى * (من) * كقولك: ثوب خز وخاتم حديد، والمعنى: ثوب من خز وخاتم من حديد، فكذا ههنا التقدير: فدية من طعام فأضيفت الفدية إلى الطعام مع أنك تطلق على الفدية اسم الطعام.
البحث الثاني: أن في هذه القراءة جمعوا المساكين لأن الذين يطيقونه جماعة، وكل واحد منهم يلزمه مسكين، وأما القراءة الثانية وهي * (فدية) * بالتنوين فجعلوا ما بعده مفسرا له ووحدوا المسكين لأن المعنى على كل واحد لكل يوم طعام مسكين.
المسألة الثانية: الفدية في معنى الجزاء وهو عبارة عن البدل القائم على الشيء وعند أبي حنيفة أنه نصف صاع من بر أو صاع من غيره، وهو مدان وعند الشافعي مد.
المسألة الثالثة: احتج الجبائي بقوله تعالى: * (وعلى الذين يطيقونه فدية) * على أن الاستطاعة قبل الفعل فقال: الضمير في قوله: * (وعلى الذين يطيقونه) * عائد إلى الصوم فأثبت القدرة على الصوم حال عدم الصوم، لأنه أوجب عليه الفدية، وإنما يجب عليه الفدية إذا لم يصم، فدل هذا على أن القدرة على الصوم حاصلة قبل حصول الصوم.
فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الضمير عائد إلى الفدية؟
قلنا لوجهين أحدهما: أن الفدية غير مذكورة من قبل فكيف يرجع الضمير إليها والثاني: أن الضمير مذكر والفدية مؤنثة، فإن قيل: هذه الآية منسوخة فكيف يجوز الاستدلال بها قلنا: كانت قبل أن صارت منسوخة دالة على أن القدرة حاصلة قبل الفعل، والحقائق لا تتغير.
أما قوله تعالى: * (فمن تطوع خيرا فهو خير له) * ففيه ثلاثة أوجه أحدها: أن يطعم مسكينا أو أكثر والثاني: أن يطعم المسكين الواحد أكثر من القدر الواجب والثالث: قال الزهري: من صام مع الفدية فهو خير له.
أما قوله: * (وأن تصوموا خير لكم) * ففيه وجوه أحدها: أن يكون هذا خطابا مع الذين يطيقونه فقط، فيكون التقدير: وأن تصوموا أيها المطيقون أو المطوقون وتحملتم المشقة فهو