كان الفاصل بين المؤنث والفعل، كالعوض من تاء التأنيث، والعرب تقول حضر القاضي امرأة، فيذكرون لأن القاضي بين الفعل وبين المرأة.
المسألة الثانية: رفع الوصية من وجهين أحدهما: على ما لم يسم فاعله والثاني: على أن يكون مبتدأ وللوالدين الخبر، وتكون الجملة في موضع رفع بكتب، كما تقول قيل عبد الله قائم، فقولك عبد الله قائم جملة مركبة من تبدأ وخبر، والجملة في موضع رفع بقيل.
أما قوله: * (للوالدين والأقربين) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن الله تعالى لما بين أن الوصية واجبة، بين بعد ذلك أنها واجبة لمن فقال: للوالدين والأقربين، وفيه وجهان: الأول: قال الأصم: إنهم كانوا يوصون للأبعدين طلبا للفخر والشرف، ويتركون الأقارب في الفقر والمسكنة، فأوجب الله تعالى في أول الإسلام الوصية لهؤلاء منعا للقوم عما كانوا اعتادوه وهذا بين الثاني: قال آخرون إن إيجاب هذه الوصية لما كان قبل آية المواريث، جعل الله الخيار إلى الموصي في ماله وألزمه أن لا يتعدى في إخراجه ماله بعد موته عن الوالدان والأقربين فيكون واصلا إليهم بتمليكه واختياره، ولذلك لما نزلت آية المواريث قال عليه الصلاة والسلام: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " فبين أن ما تقدم كان واصلا إليهم بعطية الموصي، فأما الآن فالله تعالى قدر لكل ذي حق حقه، وأن عطية الله أولى من عطية الموصي، وإذا كان كذلك فلا وصية لوارث البتة، فعلى هذا الوجه كانت الوصية من قبل واجبة للوالدين والأقربين.
المسألة الثانية: اختلفوا في قوله: * (والأقربين) * من هم؟ فقال قائلون: هم الأولاد فعلى هذا أمر الله تعالى بالوصية للوالدين والأولاد وهو قول عبد الرحمن بن زيد عن أبيه.
والقول الثاني: وهو قول ابن عباس ومجاهد أن المراد من الأقربين من عدا الوالدين.
والقول الثالث: أنهم جميع القرابات من يرث منهم ومن لا يرث وهذا معنى قول من أوجب الوصية للقرابة، ثم رآها منسوخة.
والقول الرابع: هم من لا يرثون من الرجل من أقاربه، فأما الوارثون فهم خارجون عن اللفظ، أما قوله: * (بالمعروف) * فيحتمل أن يكون المراد منه قدر ما يوصى به، ويحتمل أن يكون المراد منه تمييز من يوصى له من الأقربين ممن لا يوصى، لأن كلا الوجهين يدخل في المعروف، فكأنه تعالى أمره في الوصية أن يسلك الطريق الجميلة، فإذا فاضل بينهم، فبالمعروف وإذا سوى فكمثل، وإذا حرم البعض فكمثل لأنه لو حرم الفقير وأوصى للغني لم يكن ذلك معروفا، ولو سوى بين