إصلاح هذا المهم كان أولى، وثانيها: يحتمل أن يكون المراد أن ذلك الموصي الذي أقدم على الجنف والإثم متى أصلحت وصيته فإن الله غفور رحيم يغفر له ويرجحه بفضله وثالثها: أن المصلح ربما احتاج في إيتاء الإصلاح إلى أقوال وأفعال كان الأولى تركها فإذا علم تعالى منه أن غرضه ليس إلا الإصلاح فإنه لا يؤاخذه بها لأنه غفور رحيم.
الحكم السادس قوله تعالى * (يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) *.
اعلم أن الصيام مصدر صام كالقيام، وأصله في اللغة الإمساك عن الشيء والترك له، ومنه قيل للصمت: صوم لأنه إمساك عن الكلام، قال الله تعالى: * (إني نذرت للرحمن صوما) * (مريم: 26) وصوم النهار إذا اعتدل وقام قائما الظهيرة قال امرؤ القيس:
فدعها وسل الهم عنها بحسرة * ذمول إذا صام النهار وهجرا وقال آخر: حتى إذا صام النهار واعتدل (c) وصامت الريح إذا ركدت، وصام الفرس إذا قام على غير اعتلاف وقال النابغة:
خيل صيام وخيل غير صائمة * تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما ويقال: بكرة صائمة إذا قامت فلم تدر قال الراجز:
والبكرات شرهن الصائمة ومصام الشمس حيث تستوي في منتصف النهار، وكذلك مصام النجم قال امرؤ القيس:
كأن الثريا علقت في فصامها * بأمراس كتان إلى صم جندل هذا هو معنى الصوم في اللغة، وفي الشريعة هو الإمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن المفطرات حال العلم بكونه صائما مع اقتران النية.