القراءتين متقارب، لأنها ترجع إليه جل جلاله، وهو جل جلاله يرجعها إلى نفسه بافناء الدنيا وإقامة القيامة، ثم قال: وفي قوله: * (ترجع الأمور) * بضم التاء ثلاث معان أحدها: هذا الذي ذكرناه، وهو أنه جل جلاله يرجعها كما قال في هذه الآية: * (وقضي الأمر) * وهو قاضيها والثاني: أنه على مذهب العرب في قولهم: فلان يعجب بنفسه، ويقول الرجل لغيره: إلى أين يذهب بك، وإن لم يكن أحد يذهب به والثالث: أن ذوات الخلق وصفاتهم لما كانت شاهدة عليهم بأنهم مخلوقون محدثون محاسبون، وكانوا رادين أمرهم إلى خالقهم، فقوله: * (ترجع الأمور) * أي يردها العباد إليه وإلى حكمه بشهادة أنفسهم، وهو كما قال: * (يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض) * (الجمعة: 1، التغابن: 1) فإن هذا التسبيح بحسب شهادة الحال، لا بحسب النطق باللسان، وعليه يحمل أيضا قوله: * (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها) * (الرعد: 15) قيل: إن المعنى يسجد له المؤمنون طوعا، ويسجد له الكفار كرها بشهادة أنفسهم بأنهم عبيد الله، فكذا يجوز أن يقال: إن العباد يردون أمورهم إلى الله، ويعترفون برجوعها إليه، أما المؤمنون فبالمقال، وأما الكفار فبشهادة الحال.
(٢٣٩)