إليه بالسهولة واليسر لا حاجة به إلى اتباعه، ولا حاجة بذلك المعطي إلى أن يؤمر بأداء ذلك المال بالإحسان.
وأما السؤال الثاني فمدفوع من وجهين الأول: أن ذلك الكلام إنما يتمشى بفرض صورة مخصوصة، وهي ما إذا كان حق القصاص مشتركا بين شخصين ثم عفا أحدهما وسكت الآخر، والآية دالة على شرعية هذا الحكم على الإطلاق، فحمل اللفظ المطلق على الصورة الخاصة المفيدة خلاف الظاهر والثاني: أن الهاء في قوله: * (وأداء إليه بإحسان) * ضمير عائد إلى مذكور سابق، والمذكور السابق هو العافي، فوجب أداء هذا المال إلى العافي، وعلى قولكم: يجب أداؤه إلى غير العافي فكان قولكم باطلا.
وأما السؤال الثالث أن شرط الرضا إما أن يكون ممتنع الزوال، أو كان ممكن الزوال، فإن كان ممتنع الزوال، فوجب أن يكون مكنة أخذ الدية ثابتة لولي الدم على الإطلاق، وإن كان ممكن الزوال كان تقييد اللفظ بهذا الشرط الذي ما دلت الآية على اعتباره مخالفة للظاهر وأنه غير جائز ولما تلخص هذا البحث فنقول: الآية بقيت فيها أبحاث لفظية نذكرها في معرض السؤال والجواب.
البحث الأول: كيف تركيب قوله: * (فمن عفي له من أخيه شيء) *.
الجواب: تقديره: فمن له من أخيه شيء من العفو، وهو كقوله: سير بزيد بعض السير وطائفة من السير.
البحث الثاني: أن * (عفي) * يتعدى بعن لا باللام، فما وجه قوله: * (فمن عفي له) *.
الجواب: أنه يتعدى بعن إلى الجاني وإلى الذنب، فيقال عفوت عن فلان وعن ذنبه قال الله تعالى: * (عفا الله عنك) * (التوبة: 43) فإذا تعدى إلى الذنب قيل: عفوت عن فلان عما جنتي، كما تقول: عفوت له عن ذنبه، وتجاوزت له عنه، وعليه هذه الآية، كأنه قيل: فمن عفى له من جنايته، فاستغنى عن ذكر الجناية.
البحث الثالث: لم قيل شيء من العفو؟.
والجواب: من وجهين أحدهما: أن هذا إنما يشكل إذا كان الحق ليس إلا القود فقط، فحينئذ يقال: القود لا يتبعض فلا يبقى لقوله: * (شيء) * فائدة، أما إذا كان مجموع حقه إما القود وإما المال كان مجموع حقه متبعضا لأن له أن يعفو عن القود دون المال، وله أن يعفو عن الكل، فلما كان