النصارى، فقولهم: المسيح ابن الله، ولأن اليهود وصفوا الله تعالى بالبخل، على ما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله: * (قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) * (آل عمران: 181) وثانيها: الإيمان باليوم الآخر واليهود أخلوا بهذا الإيمان حيث قالوا: * (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) * (البقرة: 111) وقالوا: * (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) * (البقرة: 80) والنصارى أنكروا المعاد الجسماني، وكل ذلك تكذيب باليوم الآخر وثالثها: الإيمان بالملائكة، واليهود أخلوا ذلك حيث أظهروا عداوة جبريل عليه السلام ورابعها: الإيمان بكتب الله، واليهود والنصارى قد أخلوا بذلك، لأن مع قيام الدلالة على أن القرآن كتاب الله ردوه ولم يقبلوه قال تعالى: * (وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) * (البقرة: 85) وخامسها: الإيمان بالنبيين واليهود أخلوا بذلك حيث قتلوا الأنبياء، على ما قال تعالى: * (ويقتلون النبيين بغير الحق) * (البقرة: 61) وحيث طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وسادسها: بذل الأموال على وفق أمر الله سبحانه واليهود وأخلوا بذلك لأنهم يلقون الشبهات لطلب المال القليل كما قال * (واشتروا به ثمنا قليلا) * (البقرة: 187) وسابعها: إقامة الصلوات والزكوات واليهود كانوا يمنعون الناس منها وثامنها: الوفاء بالعهد، واليهود نقضوا العهد حيث قال: * (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم) * (البقرة: 40) وههنا سؤال: وهو أنه تعالى نفى أن يكون التوجه إلى القبلة برا ثم حكم بأن البر مجموع أمور أحدها الصلاة ولا بد فيها من استقبال فيلزم التناقض ولأجل هذا السؤال اختلف المفسرون على أقوال الأول: أن قوله: * (ليس البر) * نفي لكمال البر وليس نفيا لأصله كأنه قال ليس البر كله هو هذا، البر اسم لمجموع الخصال الحميدة واستقبال القبلة واحد منها، فلا يكون ذلك تمام البر الثاني: أن يكون هذا نفيا لأصل كونه برا، لأن استقبالهم للمشرق والمغرب كان خطأ في وقت النفي حين ما نسخ الله تعالى ذلك، بل كان ذلك إثما وفجورا لأنه عمل بمنسوخ قد نهى الله عنه، وما يكون كذلك فإنه لا يعد في البر الثالث: أن استقبال القبلة لا يكون برا إذا لم يقارنه معرفة الله، وإنما يكون برا إذا أتي به مع الإيمان، وسائر الشرائط كما أن السجدة لا تكون من أفعال البر، إلا إذا أتي بها مع الإيمان بالله ورسوله، فأما إذا أتي بها بدون هذا الشرط، فإنها لا تكون من أفعال البر، روي أنه لما حولت القبلة كثر الخوض في نسخها وصار كأنه لا يراعي بطاعة الله إلا الاستقبال، فأنزل الله تعالى هذه الآية كأنه تعالى قال ما هذا الخوض الشديد في أمر القبلة مع الإعراض عن كل أركان الدين.
المسألة السادسة: قوله: * (ولكن البر من آمن بالله) * فيه حذف وفي كفيته وجوه أحدها: ولكن البر بر من آمن بالله، فحذف المضاف وهو كثير في الكلام كقوله: * (وأشربوا في قلوبهم