* (ولا يهتدون) * المراد أنهم لا يهتدون إلى كيفية اكتسابه.
* (ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعآء وندآء صم بكم عمى فهم لا يعقلون) *.
اعلم أنه تعالى لما حكى عن الكفار أنهم عند الدعاء إلى اتباع ما أنزل الله تركوا النظر والتدبر، وأخلدوا إلى التقليد، وقالوا: * (بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) * (البقرة: 170) ضرب لهم هذا المثل تنبيها للسامعين لهم إنهم إنما وقعوا فيما وقعوا فيه بسبب ترك الإصغاء، وقلة الإهتمام بالدين، فصيرهم من هذا الوجه بمنزل الأنعام، ومثل هذا المثل يزيد السامع معرفة بأحوال الكفار، ويحقر إلى الكافر نفسه إذا سمع ذلك، فيكون كسرا لقلبه، وتضييقا لصدره، حيث صيره كالبهيمة فيكون في ذلك نهاية الزجر والردع لمن يسمعه عن أن يسلك مثل طريقه في التقليد، وههنا مسائل:
المسألة الأولى: نعق الراعي بالغنم إذا صاح بها وأما نعق الغراب فبالغين المعجمة.
المسألة الثانية: للعلماء من أهل التأويل في هذه الآية طريقان أحدهما: تصحيح المعنى بالإضمار في الآية والثاني: إجراء الآية على ظاهرها من غير إضمار، أما الذين أضمروا فذكروا وجوها الأول: وهو قول الأخفش والزجاج وابن قتيبة، كأنه قال: ومثل من يدعو الذين كفروا إلى الحق كمثل الذي ينعق، فصار الناعق الذي هو الراعي بمنزل الداعي إلى الحق، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام وسائر الدعاة إلى الحق وصار الكفار بمنزلة الغنم المنعوق بها ووجه التشبيه أن البهيمة تسمع الصوت ولا تفهم المراد، وهؤلاء الكفار كانوا يسمعون صوت الرسول وألفاظه، وما كانوا ينتفعون بها وبمعانيها لا جرم حصل وجه التشبيه الثاني: مثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم من الأوثان كمثل الناعق في دعائه ما لا يسمع كالغنم، وما يجرى مجراه من الكلام والبهائم لا تفهم: فشبه الأصنام في أنها لا تفهم بهذه البهائم، فإذا كان لا شك أن ههنا المحذوف هو المدعو، وفي القول الذي قبله المحذوف هو الداعي، وفيه سؤال، وهو أن قوله: * (إلا دعاء ونداء) * لا يساعد عليه لأن الأصنام لا تسمع شيئا الثالث: قال ابن زيد: مثل